أتريد أن ترملني من زوجى؟ والله لئن لم تكف عنه لانشرن شعري ، ولاشقن جيبي ، ولاتين قبر أبى ، ولاصيحن إلى ربى ، فأخذت بيد الحسن والحسين عليهماالسلام وخرجت تريد قبر النبى صلىاللهعليهوآله.
فقال علي عليهالسلام لسلمان : أدرك ابنة محمد ، فانى أرى جنبتي المدينة تكفئان والله إن نشرت شعرها وشقت جيبها وأتت قبر أبيها وصاحت إلى ربها ، ولا يناظر بالمدينة أن يخسف بها [ وبمن فيها ] فأدركها سلمان رضى الله عنه فقال : يا بنت محمد إن الله إنما بعث أباك رحمة ، فارجعي ، فقالت : يا سلمان يريدون قتل علي ما علي صبر ، فدعنى حتى آتى قبر أبي ، فأنشر شعري ، وأشق جيبي ، وأصيح إلى ربي ، فقال سلمان : إنى أخاف أن يخسف بالمدينة وعلي بعثني إليك يأمرك أن ترجعى له إلى بيتك ، وتنصرفي ، فقالت إذا أرجغ وأصبر وأسمع له واطيع.
قال : فأخرجوه من منزله ملببا ومروا به على قبر النبى صلىاللهعليهوآله قال : فسمعته يقول : « يابن ام إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني »(١) وجلس أبوبكر في سقيفة بنى ساعدة ، وقدم علي عليهالسلام فقال له عمر : بايع ، فقال له علي عليهالسلام : فان أنا لم أفعل فمه؟ فقال له عمر : إذا أضرب والله عنقك ، فقال له على : إذا والله
____________________
(١) اقتباس من كلامه تعالى في قصة هرون في سورة الاعراف : ١٤٩ : « ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتمونى من بعدى أعجلتم أمر ربكم وألقى لا لواح وأخذ برأس أخيه يجره اليه قال : يا ابن ام ان القوم استضعفونى وكادوا يقتلوننى فلا تشمت بى الاعداء ولا تجعلنى مع القوم الظالمين » وذلك لانه عليهالسلام كان من الرسول الاعظم صلىاللهعليهوآله بمنزلة هرون من موسى وقد جرى له بعد رحلة الرسول مثل ما جرى على هرون بعد غيبة موسى (ع) في الطور ، من تغلب السامرى بعجله وفساد قومه ورجوعهم القهقرى إلى الشرك ، فكلامه عليهالسلام هذا مقتبسا من كلام الله العزيز نفثة مصدورة يحقق لنا مقال الرسول الكريم : لستلكن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه.