وأيضا يشترط في الامام بالاتفاق نوع من العلم فيما يتعلق بحقوق الناس والسياسات ، ولم يشترط ذلك في المتقدم في الصلاة بالاتفاق ، فظهر أن الامامة بمراحل عن تولي الصلاة ، ومع ذلك فقدتم بما تمسك به عمر بن الخطاب يوم السقيفة من إمامة أبي بكر في الصلاة أمر بيعته ، وانصرف الانصار بذلك عن دعواهم روى ابن عبدالبر في الاستيعاب باسناده عن عبدالله بن مسعود قال : كان رجوع الانصار يوم سقيفة بنى ساعدة بكلام قاله عمر بن الخطاب « نشدتكم الله هل تعلمون أن رسول الله صلىاللهعليهوآله أمر أبابكر أن يصلي بالناس؟ قالوا اللهم نعم ، قال : فأيكم تطيب نفسه أن يزيله عن مقام أقامه فيه رسول الله صلىاللهعليهوآله؟ فقالوا كلنا لا تطيب نفسه ونستغفر الله » وقد روى هذا المعنى كثير من الثقات عندهم ونقلة آثارهم(١).
فانظر أيها العاقل بعين الانصاف كيف استزلهم الشيطان ، وقادهم إلى النار بكلام عمر بن الخطاب كما استهوى قوم موسى بخوار العجل ، وأنساهم ما نطق به الرسول الامين (ص) من النصوص الصريحة في أمير المؤمنين عليهالسلام كما أغفل بنى
____________________
(١) رواه من أصحاب الصحاح النسائى عن ابن مسعود على ما في الجامع ج ٩ ص ٤٣٥ ولفظه : لما قبض رسول الله قالت الانصار منا أمير ومنكم امير ، فأتاهم عمر فقال أنسيتم أن رسول الله قد أمر أبابكر أن يصلى بالناس؟ فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبابكر؟ فقالوا : نعوذ بالله أن نتقدم أبابكر.
ولكن قد عرفت بما لا مزيد عليه أن رسول الله لم يأمر أبابكر بالصلاة وصحابة الرسول الذين كانوا يراجعون رسول الله ويعودونه في شكواه ، اعرف بذلك ، حيث كان الرسول صلىاللهعليهوآله بمشهد منهم يوصيهم بأن ينفذوا جيش أسامة وفيهم أبوبكر وعمر و وجوه الانصار والمهاجرين ، فهذا الكلام الذى نقلوه عن ابن مسعود من استدلال عمر على الانصار بصلاة أبى بكر موضوع مزور عليه فيما بعد من الزمن على عهد التابعين والمتكلمين الذين أسسوا قاعدة مذاهبهم على الادلة الصناعية ، ومن أيديهم تخرجت هذه الاحاديث وما شابهها في غصون اعتقاداتهم تقليدا لسلفهم الصالح!