ونحن نسألك أن تأذن لنا في المقام لنصلح من شأننا ما يصلحنا في سفرنا ، قال : فأمرهم أن يكونوا في المدينة ريث ما يحتاجون إليه ، وأمر اسامة بن زيد فعسكر بهم على اميال من المدينة فأقام بمكانه الذي حد له رسول الله صلىاللهعليهوآله منتظرا للقوم أن يوافوه إذا فرغوا من أمورهم وقضاء حوائجهم ، وإنما أراد رسول الله صلىاللهعليهوآله بما صنع من ذلك أن تخلو المدينة منهم ، ولا يبقى بها أحد من المنافقين.
قال : فهم على ذلك من شأنهم ورسول الله صلىاللهعليهوآله رائب يحثهم ويأمرهم بالخروج والتعجيل إلى الوجه الذي ندبهم إليه ، إذ مرض رسول الله صلىاللهعليهوآله مرضه الذي توفي فيه ، فلما رأوا ذلك تباطؤا عما أمرهم رسول الله صلىاللهعليهوآله من الخروج ، فأمر قيس بن عبادة وكان سباق(١) رسول الله صلىاللهعليهوآله والحباب بن المنذر في جماعة من الانصار يرحلوا بهم إلى عسكرهم ، فأخرجهم قيس بن سعد والحباب بن المنذر حتى ألحقاهم بعسكرهم ، وقالا لاسامة إن رسول الله لم يرخص لك في التخلف ، فسر من وقتك هذا ليعلم رسول الله صلىاللهعليهوآله ذلك ، فارتحل بهم اسامة وانصرف قيس والحباب إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فأعلماه برحلة القوم ، فقال لهما : إن القوم غير سائرين.
قال : فخلا أبوبكر وعمر وأبوعبيدة باسامة وجماعة من أصحابه فقالوا إلى أين ننطلق ونخلي المدينة ونحن أحوج ما كنا إليها وإلى المقام بها؟ فقال لهم : وما ذلك؟ قالوا إن رسول الله قد نزل به الموت ، ووالله لئن خلينا المدينة لتحدثن بها امور لا يمكن إصلاحها ، ننظر ما يكون من أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله ثم المسيربين أيدينا ، قال : فرجع القوم إلى المعسكر الاول وأقاموا به وبعثوا رسولا يتعرف لهم أمر رسول الله (ص) فأتى الرسول إلى عائشة فسألها عن ذلك سرا ، فقالت امض إلى أبي وعمر ومن معهما وقل لهما : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله قد ثقل فلا يبرحن أحد منكم وأنا أعلمكم بالخبر وقتا بعد وقت.
واشتدت علة رسول الله صلىاللهعليهوآله فدعت عائشة صهيبا فقالت : امض إلى أبي
____________________
(١) سياف خ ل.