هذا الامر ما بدا لكم فاني واحد منكم ، فتعاقدوا من وقتهم على هذا الامر ثم تفرقوا.
فلما أراد رسول الله صلىاللهعليهوآله المسير أتوه فقال لهم : فيما كنتم تتناجون في يومكم هذا وقد نهيتكم من النجوى؟ فقالوا : يا رسول الله ما التقينا غير وقتنا هذا ، فنظر إليهم النبى صلىاللهعليهوآله مليا ثم قال لهم : « أنتم أعلم أم الله ، ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون »(١).
ثم سار حتى دخل المدينة واجتمع القوم جميعا وكتبوا صحيفة بينهم على ذكر ما تعاهدوا عليه في هذا الامر ، وكان أول ما في الصحيفة النكث لولاية علي بن أبي طالب عليهالسلام وأن الامر إلى أبي بكر وعمر وأبي عبيدة وسالم معهم ، ليس بخارج منهم ، وشهد بذلك أربعة وثلاثون رجلا : هؤلاء أصحاب العقبة وعشرون رجلا آخر ، واستودعوا الصحيفة أبا عبيدة بن الجراح وجعلوه أمنيهم عليها.
قال : فقال الفتى يا أبا عبدالله يرحمك الله هبنا نقول إن هؤلاء القوم رضوا بأبي بكر وعمر وأبي عبيدة لانهم من مشيخة قريش ، فما بالهم رضوا بسالم وهو ليس من قريش ولا من المهاجرين ولا من الانصار وإنما هو عبد لامرءة من الانصار؟ قال حذيفة : يا فتى إن القوم أجمع تعاقدوا على إزالة هذا الامر عن علي بن أبي طالب عليهالسلام حسدا منهم له وكراهة لامره ، واجتمع لهم مع ذلك ماكان في قلوب قريش من سفك الدماء ، وكان خاصة رسول الله صلىاللهعليهوآله وكانوا يطلبون الثأر الذي أوقعه رسول الله بهم من على من بني هاشم ، فانما كان العقد على إزالة الامر عن علي عليهالسلام من هؤلاء الاربعة عشر ، وكانوا يرون أن سالما رجل منهم.
فقال الفتى : فخبرني يرحمك الله عما كتب جميعهم في الصحيفة لاعرفه ، فقال حذيفة حدثتني بذلك أسماء بنت عميس الخثعمية امرأة أبي بكر أن القوم اجتمعوا في منزل أبي بكر فتآمروا في ذلك ، وأسماء تسمعهم وتسمع جميع ما يد برونه في ذلك ، حتى اجتمع رأيهم على ذلك فأمروا سعيد بن العاص الاموي
____________________
(١) البقرة : ١٤٠.