وقال « أحمد بن يوسف » : لما عمل « أبو عبيد » كتاب « غريب الحديث » عرضه على « عبد الله بن طاهر » فاستحسنه وقال : إن عقلا بعث صاحبه على عمل مثل هذا الكتاب لحقيق أن لا يحوج إلى طلب المعاش ، فأجرى له عشرة آلاف درهم في الشهر ا هـ (١).
يقول « أبو عبيد » رحمهالله : مكثت في تصنيف كتاب « غريب الحديث » أربعين سنة ، وربما كنت أستفيد الفائدة من أفواه الرجال ، فأضعها في الكتاب ، فأبيت ساهرا فرحا مني بتلك الفائدة ، وأحدكم يجيئني فيقيم عندي أربعة أشهر أو خمسة فيقول : قد أقمت الكثير ا هـ (٢).
ولقد كان « أبو عبيد » من الذين يحترمون أنفسهم ، ويكرمونها لتكريم الله لها ، وهناك أكثر من شاهد على ذلك : قال « عبد الله بن محمد بن سيّار » : سمعت « ابن عرعرة » من « أبي عبيد » وطمع أن يأتيه في منزله ، فلم يفعل « أبو عبيد » حتى كان هو يأتيه ا هـ (٣).
ولقد كان « أبو عبيد » مع علمه ينطق بالحكمة ، فمن ذلك : قول « علي بن عبد العزيز » : سمعت « أبا عبيد » يقول : « المتبع للسنة كالقابض على الجمر ، وهو اليوم عندي أفضل من ضرب السيف في سبيل الله » ا هـ (٤).
ونظرا لمكانة « أبي عبيد » العلمية والسلوكية ، والدينية فقد استحق ثناء العلماء عليه : قال « الداني » : « أبو عبيد » إمام أهل دهره في جميع العلوم صاحب سنة ، ثقة مأمون. ا هـ (٥).
__________________
(١) انظر سير أعلام النبلاء ج ١٠ ص ٤٩٥.
(٢) انظر سير أعلام النبلاء ج ١٠ ص ٤٩٦.
(٣) انظر سير أعلام النبلاء ج ١٠ ص ٤٩٦.
(٤) انظر سير أعلام النبلاء ج ١٠ ص ٤٩٦.
(٥) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ١٨.