وكذلك صرح « ابن الحاجب وابن السبكي » بتحريم القراءة بالشاذ ، واستفتى « الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني » ت ٨٥٢ هـ عن حكم القراءة بالشاذ فقال : « تحرم القراءة بالشاذ ، وفي الصلاة أشد » (١).
فإن قيل : متى شذت القراءات؟ أقول : من يتتبع تاريخ القرآن الكريم يجد أن القرآن نزل منجما على نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم خلال ثلاث وعشرين سنة مدة بعثته عليه الصلاة والسلام. وكان النبي صلىاللهعليهوسلم يعارض « جبريل » عليهالسلام بالقرآن كل عام في رمضان : وفي العام الذي نقل فيه النبي صلىاللهعليهوسلم إلى الرفيق الأعلى عارض « جبريل » بالقرآن مرتين. إذا فكل ما نسخ من القرآن الكريم حتى العرضة الأخيرة يعتبر شاذا.
فإن قيل : من أول من تتبع القراءات الشاذة؟ أقول : قال « أبو حاتم السجستاني » ت ٢٥٠ هـ : « أول من تتبع بالبصرة وحده القراءات وألفها وتتبع الشاذ منها فبحث عن إسناده « هارون بن موسى » الأعور ت ١٩٨ هـ (٢).
فإن قيل : ما حكم تعلم وتدوين القراءات الشاذة؟ أقول : من يقرأ أقوال العلماء في ذلك يمكنه أن يحكم بأنه يجوز تعلم القراءات الشاذة وتعليمها نظريا لا عمليا ، حيث لا تجوز القراءة بالشاذ.
كما يجوز تدوينها في الكتب ، وبيان وجهها من حيث : اللغة ، والإعراب ، والمعنى. واستنباط الأحكام الشرعية ، منها على القول بصحة الاحتجاج بها.
كما يجوز الاستدلال بها على وجه من وجوه اللغة العربية ، كما أن القراءات الشاذة تتضمن الكثير من اللهجات العربية القديمة. فهي سجل حافل بذلك ، والله أعلم.
__________________
(١) انظر القراءات الشاذة للقاضي ص ٧.
(٢) انظر في رحاب القرآن للدكتور / محمد سالم محيسن ج ١ ص ٤٣٦.