رياح الزمهرير كفراشة جاءت تبشر بالدفء وبالربيع ... آه أيها الأمل القادم من رحم النبوّات الغابرة!!
كانت السيدة نرجس تبكي بصمت كسماء تمطر على هون .. زوجها يودع الحياة ، وابنها الوحيد تبحث عنه ذئاب مجنونة .. وأصغت الى كلمات زوجها يوصي ابنه وآخر الأئمة الاطهار :
ـ يا بني : إن الله جل ثناؤه لم يكن ليخلي أرضه ، وأهل الجد من طاعته وعبادته بلا حجة يستعلى بها وإمام يؤتم به ، ويقتدى بسبيل سنته ومنهاج قصده ..
وأرجو يا بني ان تكون أحد من أعده الله لنشر الحق وطي الباطل ، وإعلاء الدين ، واطفاء الضلال.
وسكت لحظات ليقدّم الى ولده الحبيب آخر نصائحه :
ـ فعليك يا بني بلزوم خوافي الأرض وتتبّع أقاصيها ، فإن لكل وليّ من أولياء الله عدوّاً مقارعاً ، وضدّا منازعاً .. فلا يوحشنّك ذلك (١٧٦) ..
اسكن يابنيّ في البراري البعيدة .. وفي الجبال الوعرة ليحرسك الله يا بني!
ودمعت عينا الأب .. كان يستنشق أنفاسه الاخيرة في هذه الحياة .. وكانت كلمات الصلاة تنساب من بين شفتيه قبل أن يغمض عينيه ويغفو اغفاءة الرحيل ..
وفي تلك اللحظات وقد هيمن صمت ثقيل سمع صوت عواء