يدل عليها ، فأما ما يوهم خلاف ذلك من الاخبار والادعية فهي مأولة بوجوه : الاول أن ترك المستحب وفعل المكروه قد يسمى ذنبا وعصيانا بل ارتكاب بعض المباحات أيضا بالنسبة إلى رفعة شأنهم وجلالتهم ربما عبروا عنه بالذنب لانحطاط ذلك عن سائر أحوالهم كما مرت الاشارة إليه في كلام الاربلي رحمهالله.
الثاني أنهم بعد انصرافهم عن بعض الطاعات التي امروا بها من معاشرة الخلق وتكميلهم وهدايتهم ورجوعهم عنها إلى مقام القرب والوصال ومناجاة ذي لجلال ربما وجدوا أنفسهم لانحطاط تلك الاحوال عن هذه المرتبة العظمى مقصرين ، فيتضرعون لذلك وإن كان بأمره تعالى ، كما أن أحدا من ملوك الدنيا إذا بعث واحدا من مقربي حضرته إلى خدمة من خدماته التي يحرم بها من مجلس الحضور والوصال فهو بعد رجوعه يبكي ويتضرع وينسب نفسه إلى الجرم والتقصير لحرمانه عن هذا المقام الخطير.
الثالث أن كمالاتهم وعلومهم وفضائلهم لما كانت من فضله تعالى ، ولولا ذلك لامكن أن يصدر منهم أنواع المعاصي ، فاذا نظروا إلى أنفسهم وإلى تلك الحال أقروا بفضل ربهم وعجز نفسهم بهذه العبارات الموهمة لصدور السيئات فمفادها أني أذنبت لولا توفيقك ، وأخطأت لولا هدايتك.
الرابع أنهم لما كانوا في مفام الترقي في الكمالات والصعود على مدارج الترقيات في كل آن من الآنات في معرفة الرب تعالى وما يتبعها من السعادات فاذا نظروا إلى معرفتهم السابقة وعملهم معها اعترفوا بالتقصير وتابوا منه ، ويمكن أن ينزل عليه قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : وإني لاستغفر الله في كل يوم سبعين مرة.
الخامس أنهم عليهمالسلام لما كانوا في غاية
المعرفة لمعبودهم فكل ما أتوا به من الاعمال
بغاية جهدهم ثم نظروا إلى قصورها عن أن يليق
بجناب ربهم عدوا طاعاتهم من المعاصي
واستغفروا منها كما يستغفر المذنب العاصي ، ومن
ذاق من كأس المحبة جرعة شائقة
لا يأبى عن قبول تلك الوجوه الرائقة ، والعارف
المحب الكامل إذا نظر إلى غير محبوبه