ولا أخبرنا عمن هذه حاله فيه ، والمعتبر في الاجماع كل عصر فثبت ما أوردناه(١) فأما ما يمكن أن يستدل بهذا الخبر عليه من ثبوت حجة مأمون في جملة أهل البيت في كل عصر فهو أنا نعلم أن الرسول صلىاللهعليهوآله إنما خاطبنا بهذا القول على جهة إزاحة العلة لنا ، والاحتجاج في الدين علينا ، والارشاد إلى ما يكون فيه نجاتنا من الشكوك والريب والذي يوضح ذلك أن في رواية زيد بن ثابت هذا الخبر : « وهما : الخليفتان من بعدي » وإنما أراد أن المرجع إليهما بعدي في ما كان يرجع إلى فيه في حياتي ، فلا يخلو من أن يريد أن إجماعهم حجة فقط ، دون أن يدل القول على أن فيهم في كل حال من يرجع إلى قوله ويقطع على عصمته ، أو يريد ما ذكرناه فلو أراد الاول لم يكن مكملا للحجة(٢) ولا مزيحا لعلتنا ، ولا مستخلفا من يقوم مقامه فينا لان العترة أولا قد يجوز أن يجمع على القول الواحد ، ويجوز أن لا يجمع بل يختلف ، فما هو الحجة من إجماعها ليس بواجب ، ثم ما اجتمعت عليه هو جزء من ألف جزء من الشريعة ، وكيف يحتج علينا في الشريعة بمن لا نصيب عنده من حاجتنا إلا القليل من الكثير ، وهذا يدل على أنه لابد في كل عصر من حجة في جملة أهل البيت ، مأمون مقطوع على قوله ، وهذا دليل على وجود الحجة على سبيل الجملة ، وبالادلة الخاصة يعلم من الذي هو حجة منهم على سبيل التفصيل ، على أن صاحب الكتاب قد حكم بمثل هذه القضية في قوله : إن الواجب حمل الكلام على ما يصح أن يوافق فيه العترة للكتاب ، وأن الكتاب إذا كان دلالة على الامور وجب في العترة مثل ذلك. وهذا صحيح ليجمع بينهما في اللفظ والارشاد إلى التمسك بهما ليقع الامان من الضلال ، والحكم بأنهما لا يفترقان إلى القيامة ، وإذا وجب في الكتاب أن يكون دليلا وحجة وجب مثل ذلك في قولهم : أعني العترة(٣) ، وإذا كانت دلالة الكتاب مستمرة غير منقطعة وموجودة
____________________
(١) فثبت ما اردناه.
(٢) في المصدر : لم يكن مكملا للحجة علينا.
(٣) في المصدر : في قول العترة.