بمكة تقول : سخرت بمحمد مرتين ، فقتله ، فقال صلىاللهعليهوآله يومئذ : « إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ».
قال الواقدي : وأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم بدر بالقليب أن تعور ، ثم أمر بالقتلى فطرحوا فيها كلهم إلا أمية بن خلف ، فإنه كان مسمنا انتفخ من يومه ، فلما أرادوا أن يلقوه تزايل لحمه ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : اتركوه ، فأقروه وألقوا عليه من التراب والحجارة ما غيبة ، ثم وقف على أهل القليب فناداهم رجلا رجلا : « هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا ، بئس القوم كنتم لنبيكم(١) ، كذبتموني وصدقني الناس ، وأخرجتموني وآواني الناس ، و قاتلتموني ونصرني الناس » فقالوا : يا رسول الله صلىاللهعليهوآله أتنادي قوما قد ماتوا؟ فقال : لقد علموا أن ما وعدهم ربهم حق.
وفي رواية اخرى : فقال صلىاللهعليهوآله : ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ، ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوني.
قال الواقدي : وكان انهزام قريش حين زالت الشمس ، فأقام رسول الله صلىاللهعليهوآله ببدر ، وأمر عبدالله بن كعب بقبض الغنائم وحملها ، وأمر نفرا من أصحابه أن يعينوه فصلى العصر ببدر ، ثم راح فمر بالاثيل(٢) قبل غروب الشمس فنزل به وبات(٣) وبأصحابه جراح ، وليست بالكثيرة ، وأمر ذكوان بن عبد قيس أن يحرس المسلمين حتى كان آخر الليل فارتحل.
وروي أنه صلىاللهعليهوآله صلى العصر بالاثيل ، فلما صلى ركعة تبسم ، فلما سلم سئل عن تبسمه ، فقال : مر بي ميكائيل وعلى جناحه النقع فتبسم إلي ، وقال :
____________________
(١) في السيرة : بئس عشيرة النبى كنتم لنبيكم.
(٢) الاثيل تصغير الاثل : موضع قرب المدينة بين بدر ووادى الصفراء قاله ياقوت في معجم البلدان ١ : ٩٤ وقال : وقتل عنده النضر بن الحارث بن كلدة عند منصرفه من بدر انتهى وقال ابن هشام : قتله بالصفراء قتله على بن أبى طالب عليهالسلام.
(٣) في المصدر : وبات به.