صدور المعدودين من المسلمين في الشجعان ، وراموا التأخر عنها لخوفهم منها و كراهتهم(١) لها ، على ما جاء به محكم الذكر في التبيان ، حيث يقول جل اسمه فيما قص من نبائهم(٢) على الشرح له والبيان : « كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون * يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون » في الآي المتصلة بذلك إلى قوله تعالى : « ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراو رئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط(٣) » إلى آخر السورة ، فإن الخبر عن أحوالهم فيها يتلو بعضه(٤) بعضا وإن اختلفت ألفاظه اتفقت معانيه ، وكان من جملة خبر هذه الغزاة أن المشركين حضروا بدرا مصرين على القتال ، مستظهرين فيه بكثرة الاموال والعدد والعدة والرجال ، والمسلمون إذ ذاك نفر قليل عددهم هناك ، وحضرته طوائف منهم بغير اختيار ، وشهدته على الكراهة منها(٥) والاضطرار ، فتحدثهم قريش بالبراز ودعتهم إلى المصافة والنزال ، واقترحت في اللقاء منهم الاكفاء ، وتطاولت الانصار لمبارزتهم ، فمنعهم النبي صلىاللهعليهوآله من ذلك ، فقال(٦) لهم : إن القوم دعوا الاكفاء منهم ، ثم أمر عليا أمير المؤمنين عليهالسلام بالبروز إليهم ، ودعا حمزة بن عبدالمطلب و عبيدة بن الحارث رضوان الله عليهما أن يبرزا معه ، فلما اصطفوا لهم لم يثبتهم القوم(٧) لانهم كانوا قد تغفروا ، فسألوهم من أنتم؟ فانتسبوا لهم ، فقالوا : أكفاء كرام ، ونشبت(٨) الحرب بينهم ، وبارز الوليد أمير المؤمنين عليهالسلام فلم يلبثه حتى قتله ،
____________________
(١) تخوفهم منا وكراهيتهم لها خ ل.
(٢) من نياتهم خ ل. أقول : في المصدر : فيما قص به من نبائهم.
(٣) أشرنا إلى موضع الايات في صدر الباب.
(٤) بعضها خ ل.
(٥) على الكره منها له خ ل.
(٦) وقال خ ل.
(٧) أى لم يعرفهم ، يقال : اثبت الامر اى عرفه حق المعرفة.
(٨) نشبت الحرب بينهم أى ثارت واشتبكت.