د ـ عرض لمدرسة القراءة ودور الواقعة القرآنية في تفتح النظريات النحوية ، وتأليف الدراسات في اللغة وتأريخها ، وطرح مسألة تعدد القراءات ، وأشار إلى مدرستي الكوفة والبصرة ، وقد اعتبر ذلك باعثا قويا على ازدهار الدراسات النحوية والمعجمية.
هـ ـ اعتبر علم البيان العربي منطلقا من القرآن ، وركز في الموضوع على الاعجاز القرآني ، وقناعة علماء البيان بأن القرآن يحتوي على جميع المواد الضرورية لهذا العلم ، مما شكل حالة حضارية زيادة على الجانب الأساسي وهو تكوين الشريعة (١).
إن الآراء التي أثارها بلاشير في الفصل الرابع قد عمدت إلى كشف الآثار الحضارية ، والقيمة التراثية ، والمناخ الأدبي للقرآن ، في تأسيس المدارس اللغوية ، وشحذ الفكر البلاغي ، وخلق القوة التعبيرية في البيان العربي.
ومما تقدم يبدو لنا أثر المستشرقين في دراسة تأريخ القرآن ، فالصيغة العلمية هي الطابع العام لها ، والهوى قد يصاحب بعض الأقلام. وقد عرضنا الجزء المهم من ذلك ، وناقشنا الجزء الآخر في حدود مقاييسنا في النقد والأدب.
٨ ـ وهناك مسألة مهمة تتعلق بتأريخ القرآن ، بل بقدسيته وتوثيقه ، وهي مسألة التحريف التي أثارها المستشرقون ، بكثير من عدم التورع ، وقد ألقت بثقلها عند الأستاذ بول ( Fr. Bull ) ، فكتب في موضوع التحريف بحثا في دائرة المعارف الإسلامية الألمانية (٢).
اعتبر ( بول ) التحريف تغييرا مباشرا لصيغة مكتوبة وإن الأمر الذي حدا بالمسلمين إلى الاشتغال بهذه الفكرة هو ما جاء بالقرآن من آيات اتهم فيها محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم اليهود بتغيير ما أنزل إليهم من كتب وبخاصة التوراة. ولكن عرضه للوقائع والشرائع التي جاءت في التوراة انطوى على إدراك خاطئ
__________________
(١) يبدأ الفصل الرابع من : ٩٠ إلى : ١٠٥.
(٢) ظ : بول ، دائرة المعارف الإسلامية الألمانية : ٤ / ٦٠٤ ـ ٦٠٨.