ولقد كان في إصدار الأحكام مصاحبا لجمهرة من الباحثين بعض الأحيان ، والارتجال ديدنا للبعض الآخر منهم ، وهذا نتيجة طبيعية لأمزجة المستشرقين المتأرجحة بين السطحية والموضوعية ، ومع هذا فقد تجنبنا الاسفاف فيما قدمنا لهم من بحوث قد يكون البعض منها مرضيا والآخر متهافتا ، ولا يعني هذا الغض من المنزلة العلمية من جهة ، أو إسدال الستار على الأخطاء من جهة ثانية ، فكان كل على سبيله.
لقد لمسنا في الفصل الخاص عن الدراسات الموضوعية التي بحثها المستشرقون جهدا لا ينتقض ، ومثابرة لا تجحد ، ففي مجال العقائد والديانات وضعنا أيدينا على بحوث قيمة في التشريع القرآني ، والمقارنة بين القرآن والكتب السماوية ، والعلاقات العامة بين الديانات وكان أبرز من أكد على هذا الجانب المستشرق الهولندي ( فث ١٨١٤ م ـ ١٨٩٥ م ) إذ واكب حديثه عن ذلك في خمسة بحوث تتعلق بالرسول الأعظم والقرآن الكريم ، وقد نشرها تباعا في مجلة الدليل الهولندية.
وقد كشف المستشرق الألماني الأستاذ ( بوشتارك ) عن العلاقة بين الإسلام واليهودية والنصرانية في أبحاث قيمة (١).
وكان التأكيد على علاقة الإسلام بالمسيحية مثار بحوث متعددة عند ولكر وآرنس وبوركهارت وريتشارد بل (٢).
ومن الطّريف حقا أن يرى ( يوزف كورت زولفرنك ) إشارات إلى صيغ تشريعية عربية قديمة في القرآن ، وأن يكشف ( اليونوره هونز ) عن إشارات قرآنية إلى الثقافة المادية للعرب القدماء ، وأن يتحدث ( فان جنيب ) عن إبراهيم عليهالسلام في القرآن حديثا أكاديميا راقيا (٣).
وفي الحديث عن الفن القصصي في القرآن المشتمل على بيان الأحوال والطقوس والمفارقات للأمم الماضية ، وأهداف القصص الديني
__________________
(١) ظ : فيما سبق : الفصل الرابع : فقرة رقم ٥.
(٢) ظ : فيما سبق : الفصل الرابع ، الفقرات : ٨ ، ١٣ ، ١٦.
(٣) ظ : فيما سبق : الفصل الرابع ، الفقرات : ٩ ، ١٠ ، ١٢.