الحبوس الأربع التي أولها عند عيسى ابن ابي جعفر ، ثم عند الفضل بن الربيع ، ثم عند الفضل بن يحيى ، ثم عند السندي بن شاهك كلّها في خلافة هارون.
واما حبوسه من المهدي والهادي قبل خلافة هارون فهي كثيرة وأشدّ الحبوس عليه هو الحبس الأخير حبس السندي بن شاهك عليه اللعنة والعذاب الاليم ، فان هذا الخبيث قد ضيق وشدد عليه بل ربما كان يسبّه ويتجاسر عليه حتى صار الامام سلام الله عليه من تواتر هذه المصائب والمحن وطول زمن الضر والبلوى كالشبح والخيال او كعود الخلال ولم يكن لبدنه جرم ولا حجم ولم يبق في جسده الشريف لحم ولادم.
وقد ذكر ابن الجوزي في كتاب التذكرة ان
مدة حبس الرشيد له احدى عشر سنة وعن احمد بن عبدالله القزويني عن ابيه قال : دخلت على الفضل بن الربيع وهو جالس على سطح فقال لى : ادن مني فدنوت حتى حاذيته ، ثم قال لي : اشرف على البيت فاشرفت على صحن الدار فقال لي : ماترى فقلت : ثوبا مطروحا فقال : انظر حسنا ، فنظرت وتأملت فقلت : رجل ساجد فقال لي : تعرفه : قلت : لا قال : هذا مولاك ، قلت : ومن مولاي ؟ فقال : تتجاهل عليّ ، هذا مولاك ابوالحسن موسى بن جعفر اني اتفقده الليل فلا أجده في وقت من الاوقات الاّ على الحال التي اخبرك بها انه يصلي الفجر فيعقّب ساعة في دبر صلاته الى أن تطلع الشمس ، ثم يسجد سجدة فلا يزال ساجداً حتى يزول الشمس وقد وكلّ من يترصّد له الزوال فلست أدري متى يقول الغلام : قد زالت الشمس اذ يثب فيبتدء بالصلاة من غير ان يجدد وضوء ، فاعلم انه لم ينم في سجوده ولا اغفى فلايزال كذلك الى ان يفرغ من صلاة العصر، فاذا صلى العصر سجد سجدة طويلة الى مغيب الشمس ، فاذا غابت وثب من سجدته فصلّى من غير ان يحدث حدثا ولايزال في صلاته وتعقيبه الى ان يصلى العتمة ، فاذا صلى العتمة افطر على شوى ثم يجدد الوضوء ثم يسجده ثم ينام نومة