ثم قال الكراجكي رحمهالله : من الكلام في هذا الخبر ـ أيدك (١) الله ـ أنك تسأل في هذا الخبر عن ثلاثة مواضع :
أحدهما : أن يقال لك : كان الانبياء المرسلون قبل رسول الله (ص) قد ماتوا ، فكيف يصح سؤالهم في السماء؟
وثانيها : أن يقال لك : ما معنى قولهم : إنهم بعثوا على نبوته ، وولاية علي ، و الائمة من ولده عليهمالسلام؟.
وثالثها : أن يقال لك : كيف يصح أن يكون الائمة الاثنا عشر عليهالسلام في تلك الحال في السماء ونحن نعلم ضرورة خلاف هذا؟ لان أمير المؤمنين عليهالسلام كان في ذلك الوقت بمكة في الارض ، ولم يدع قط ولا ادعى له أحد أنه صعد إلى السماء ، فأما الائمة من ولد ، فلم يكن وجد أحد منهم بعد ولا ولد ، فما معنى ذلك إن كان الخبر حقا؟
فهذه مسائل صحيحة ويجب أن يكون معك لها أجوبة معدة.
فأما الجواب عن السؤال الاول فإنا لا نشك في موت (٢) الانبياء عليهمالسلام غير أن الخبر قد ورد بأن الله تعالى يرفعهم ، بعد مماتهم إلى سمائه ، وأنهم يكونون فيها أحياء متنعمين إلى يوم القيامة ، ليس ذلك بمستحيل في قدرة الله سبحانه ، وقد ورد عن النبي (ص أنه قال : « أنا أكرم على الله (٣) من أن يدعني في الارض أكثر من ثلاث (٤) » وهكذا عندنا حكم الائمة عليهمالسلام ، قال النبي (ص) : « لو مات نبي بالمشرق ومات وصيه في المغرب لجمع الله بينهما » وليس زيارتنا لمشاهدهم على أنهم بها ، ولكن لشرف المواضع ،
__________________
(١) في المصدر : اعلم أيدك الله.
(٢) أقول : الموت عبارة عن مفارقة الروح عن البدن في هذا العالم ، ولا يكون هو فناء هو الروح والجسد وهلاكهما معا ، فعليه فالارواح باقية في عالم آخر ، والاخبار واردة بانها متعلقة باجساد مثالية وليس بخفى أن السائل والمسؤول والمتكلم والسامع ، وبعبارة اخرى فاعل كل عمل الروح الواقع في الجسد ، فيمكن ان يتكلم الروح بعد تعلقه ببدنه المثالية في عالم آخر ، والاخبار دالة بوقوع ذلك.
(٣) في المصدر : أنا أكرم عند الله.
(٤) في نسخة : من ثلاث ليال.