داستهم بأخفافها ، ووطئتهم بأظلافها ، وقامت على سنابكها ، فهم فيها تائهون حائرون ، جاهلون مفتونون ، في خير دار ، وشر جيران ، نومهم سهود ، وكحلهم دموع ، بأرض عالمها ملجم ، وجاهلها مكرم (١).
توضيح : قوله : والعلم المأثور ، العلم إما بالكسر أو بفتحتين أي ما يهتدى به و المأثور : المقدم على غيره ، والمنقول ، ولا يخفى مناسبتهما ، والصادع : الظاهر الجلي ، و المثلات جمع مثلة بفتح الميم وضم الثاء : العقوبة ، قوله : انجذم أي انقطع ، وفي بعض النسخ بالزاي بمعناه ، والزعزعة : الاضطراب ، والسواري جمع السارية وهي الدعامة ، و النجر : الاصل والطبع ، فانهارت أي انهدمت وتنكرت : أي تغيرت والشرك بضمتين جمع شركة بفتحتين وهي معظم الطريق أو وسطها قوله : في فتن داستهم متعلق بقوله : سارت وقام ، أو خبر ثان لقوله : والناس ، والسنابك : أطراف مقدم الحافر ، قوله : في خيردار ، إما خبر ثالث ، أو متعلق بقوله : تائهون وما بعده ، والمراد بخير الدار مكة وبشر الجيران كفار قريش ، والعالم الملجم من آمن به ، والجاهل المكرم من كذبه ، وفيه احتمالات اخر لا يناسب المقام ، وقوله عليهالسلام : نومهم سهود ، وكحلهم دموع ، كناية عن كثرة الفتن فيهم بحيث كانوا لا ينامون اهتماما بأنفسهم ، وإعدادا لقتال عدوهم ، ويبكون على قتلاهم وما ذهب منهم من الاموال وغيرها.
٥٠ ـ نهج : أرسله على حين فترة من الرسل ، وطول هجعة من الامم ، واعتزام (٢) من الفتن ، وانتشار من الامور ، وتلظ من الحروب ، والدنيا كاسفة النور ، ظاهرة الغرور على حين اصفرار من ورقها (٣) ، وإياس من ثمرها ، واغورار من مائها ، قد درست أعلام الهدى (٤) ، وظهرت أعلام الردى ، فهي متجهمة لاهلها ، عابسة في وجه طالبها ، ثمرها
__________________
(١) نهج البلاغة ١ : ٣١ و ٣٣.
(٢) من اعتزم الفرس في عنانه : مر جامحا لا ينثنى ، وهى كناية عن غلبة الفتن. ويروى بالراء المهملة كما سيأتي من اعترم الفرس : سطا ومالت. ويحتمل أن يكون من اعترم الصبى ثدى امه أى مصه ، والمعنى التزمت الفتن بهم كما التزم الصبى ثدى امه.
(٣) هذا وما بعدها تمثيل لتغير الدنيا وزوال خيراتها وغلبة الشرور والفتن عليها ، ويأس الناس من التمتع بها. والايام ايام الجاهلية.
(٤) في المصدر : قد درست منار الهدى.