فلما اجتمعت قريش على قتل رسول الله (ص) وكتبوا الصحيفة القاطعة ، جمع أبوطالب بني هاشم وحلف لهم بالبيت والركن والمقام والمشاعر في الكعبة لئن شاكت محمدا شوكة لآتين عليكم يا بني هاشم (١) ، فأدخله الشعب وكان يحرسه بالليل والنهار قائما بالسيف على رأسه أربع سنين ، فلما خرجوا من الشعب حضر (٢) أباطالب الوفاة فدخل إليه رسول الله (ص) وهو يجود بنفسه فقال : يا عم ربيت صغيرا ، وكفلت يتيما ، فجزاك الله عني خيرا ، أعطني كلمة أشفع لك بها عند ربي (٣) ، فروي أنه لم يخرج من الدنيا حتى أعطى رسول الله الرضا (٤).
بيان : قال الجزري : يبزى أى يقهر ويغلب ، أراد لا يبزى فحذف « لا » من جواب القسم ، وهي مرادة ، أي لا يقهر ولم نقاتل عنه وندافع ، وفلان يناضل عن فلان : إذا رامى عنه وحاج وتكلم بعذره ودفع عنه.
١١ ـ فس : « وأنذر عشيرتك الاقربين » قال : نزلت (٥) : « ورهطك منهم المخلصين (٦) » قال : نزلت بمكة فجمع رسول الله (ص) بني هاشم وهم أربعون رجلا كل واحد منهم يأكل الجذع ويشرب القربة فاتخذ لهم طعاما يسيرا بحسب ما أمكن فأكلوا حتى شبعوا ، فقال رسول الله (ص) : من يكون وصيي ووزيري وخليفتي؟ فقال أبولهب : هذا (٧) ما سحركم محمد ، فتفرقوا ، فلما كان اليوم الثاني أمر رسول الله (ص) ففعل بهم مثل ذلك ثم سقاهم اللبن (٨) فقال لهم رسول الله (ص) : أيكم يكون وصيي ووزيري وخليفتي؟ فقال
__________________
(١) لاتين عليكم ( عليهم خ ل ) ببنى هاشم خ ل.
(٢) في المصدر : حضرت.
(٣) إن ما عليه الشيعة الامامية أن أبا طالب كان مؤمنا يتقى قومه ويستر دينه ، والاخبار بذلك
كثيرة ، وأشعاره عليه دالة ، فما في الخبر اما أخذه القمى من العامة وأورده على طبق عقيدتهم في
ذلك ، واما كان ذلك من النبى صلىاللهعليهوآله على ظاهر حال أبى طالب ، وأراد أنه يظهر في
آخر لحظاته من الدنيا ما كان يستره من عقيدته ، وسيجئ الكلام في ذلك مشبعا في محله إن شاء الله
(٤) تفسير القمى : ٣٥٤ و ٣٥٥.
(٥) المصدر خال عن قوله : قال : نزلت.
(٦) تقدم أنه قراءة ابن مسعود.
(٧) خذوا خ ل ، وفى المصدر : جزما سحركم محمد.
(٨) حتى رووا خ.