قوله تعالى « رحلة الشتاء » قال الطبرسي : كانت لقريش رحلتان في كل سنة رحلة في الشتاء إلى اليمن ، لانها بلاد حامية ، ورحلة في الصيف إلى الشام لانها بلاد باردة ولولا هاتان الرحلتان لم يمكنهم به مقام ، وقيل : إن كلتا الرحلتين كانت إلى الشام ولكن رحلة الشتاء في البحر إلى وايله طلبا للدفء ، ورحلة الصيف إلى بصرى وأذرعات طلبا للهواء (١).
وقال في قوله : « أرأيت الذي يكذب بالدين » : أي بالجزاء والحساب ، قال الكلبي : نزلت في العاص بن وائل السهمي ، وقيل : في الوليد بن المغيرة عن السدي ومقاتل ، وقيل في أبي سفيان كان ينحر في كل اسبوع جزورين ، فأتاه يتيم فسأله شيئا فقرعه بعصاه (٢) عن ابن جريح ، وقيل : في رجل من المنافقين عن ابن عباس. « يدع اليتيم » أي يدفعه بعنف « ولا يحض على طعام المسكين » أي لا يطعمه ولا يحث عليه إذا عجز (٣).
أقول : قد مضى سبب نزول سورة الجحد في كتاب الاحتجاج.
وقال الطبرسي : روى ابن جبير ، عن ابن عباس قال : صعد رسول الله (ص) ذات يوم الصفا فقال : يا صباحاه ، فاجتمعت إليه قريش فقالوا له : مالك؟ فقال : أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم أما كنتم تصدقوني؟ قالوا : بلى ، قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد ، فقال أبولهب : تبا لك لهذا دعوتنا جميعا؟ فأنزل الله هذه السورة : « تبت يدا أبي لهب وتب » أي خسرت يداه أو صفرتا من كل خير ، وهو ابن عبدالمطلب عم النبي صلىاللهعليهوآله «وامرأته» وهى ام جميل بنت حرب اخت أبي سفيان «حمالة الحطب» كانت تحمل الغضا والشوك فتطرحه في طريق رسول الله (ص) إذا خرج إلى الصلاة ليعقره عن ابن عباس ، وفي رواية الضحاك : قال الربيع بن أنس كانت تبث وتنشر الشوك على طريق الرسول صلىاللهعليهوآله فيطأه كما يطأ أحدكم الحرير ، وقيل : إنها كانت تمشي بالنميمة بين الناس فتلقي بينهم العداوة ، وتوقد نارها بالتهييج كما يوقد النار
__________________
(١) مجمع البيان ١٠ : ٥٤٥
(٢) أى ضربه به.
(٣) مجمع البيان ١٠ : ٥٤٧.