الدنيا ، وبعدا لك من خيرات الآخرة ، وقيل : أولى لك ما تشاهده يا أبا جهل يوم بدر فأولى لك في القبر ، ثم أولى لك يوم القيامة ـ ولذلك أدخل « ثم » ـ فأولى لك في النار (١).
وقال في قوله تعالى : «عم يتساءلون» : أصله «عما» قالوا : لما بعث رسول الله (ص) وأخبرهم بتوحيد الله وبالبعث بعد الموت وتلا عليهم القرآن جعلوا يتساءلون بينهم ، أي يسأل بعضهم بعضا على طريق الانكار والتعجب فيقولون : ماذا جاء به محمد؟ وما الذي أتى به؟ فأنزل الله « عم يتساءلون » أي عن أي شئ يتساءلون ، والمعنى تفخيم القصة ، ثم ذكر أن تساءلهم عماذا فقال : « عن النبإ العظيم » وهو القرآن ، وقيل : هو نبأ القيامة ، وقيل : كل ما اختلفوا فيه من اصول الدين (٢).
أقول : سيأتي أنه ولاية أمير المؤمنين عليهالسلام في أخبار كثيرة.
وقال رحمهالله في قوله تعالى : « قتل الانسان » أي عذب ولعن ، وهو إشارة إلى كل كافر ، وقيل : هو امية بن خلف ، وقيل : عتبة بن أبي لهب إذ قال : كفرت برب النجم إذا هوى « ما أكفره » أي ما أشد كفره؟! وقيل : إن ما للاستفهام ، أي أي شئ أوجب كفره؟ أي ليس ههنا شئ يوجب الكفر ، فما الذي دعاه إليه مع كثرة نعم الله عليه؟ « من أي شئ خلقه » استفهام للتقرير ، وقيل : معناه لم لا ينظر إلى أصل خلقته ليدله على وحدانية الله تعالى؟ « من نطفة خلقه فقدره » أطوارا : نطفة ثم علقة إلى آخر خلقه ، وعلى حد معلوم من طوله وقصره وسمعه وبصره وأعضائه وحواسه ومدة عمره ورزقه وجميع أحواله « ثم السبيل يسره » أي سبيل الخروج من بطن امه (٣) ، أو طريق الخير والشر
__________________
(١) مجمع البيان ١٠ : ٤٠١.
(٢) مجمع البيان ١٠ : ٤٢١.
(٣) زاد الطبرسى قد سره توضيحا تركه المصنف ، وهو : وذلك أن رأسه كان إلى رأس امه وكذلك رجلاه كانت إلى رجليها فقلبه الله عند الولادة ليسهل خروجه منها. ثم قال : وقيل : « ثم السبيل » أى سبيل الدين « يسره » وطريق الخير والشر بين له وخيره ومكنه من فعل الخير واجتناب الشر ، ونظيره « وهديناه النجدين».