وكان أمينا صدوقا حليما ، وكان يواصل صوم الاسبوع والاقل والاكثر ، فيقال له في ذلك فيقول : « إني لست كأحدكم إني أظل عند ربي فيطعمني ويسقيني » وكان يبكي صلىاللهعليهوآله حتى يبتل مصلاه ، خشية من الله عزوجل من غير جرم.
قال له اليهودي : فإن هذا عيسى بن مريم عليهالسلام يزعمون أنه تكلم في المهد صبيا.
قال له على عليهالسلام : لقد كان كذلك ، ومحمد (ص) سقط من بطن امه واضعا يده اليسرى على الارض ، ورافعا يده اليمنى إلى السماء ، يحرك شفتيه بالتوحيد ، وبدا من فيه نور رأى أهل مكة منه قصور بصرى (١) من الشام وما يليها ، والقصور الحمر من أرض اليمن وما يليها ، والقصور البيض من إصطخر وما يليها ، ولقد أضاءت الدنيا ليلة ولد النبي (ص) حتى فزعت الجن والانس والشياطين ، وقالوا : حدث في الارض حدث ، ولقد رئيت الملائكة ليلة ولد تصعد وتنزل وتسبح وتقدس ، وتضطرب النجوم وتتساقط ، علامة (٢) لميلاده ، ولقد هم إبليس بالظعن في السماء لما رأى من الاعاجيب في تلك الليلة ، وكان له مقعد في السماء الثالثة ، والشياطين يسترقون السمع ، فلما رأوا الاعاجيب أرادوا أن يسترقوا السمع فإذا هم قد حجبوا من السماوات كلها ، ورموا بالشهب دلالة لنبوته (ص).
قال له اليهودي : فإن عيسى يزعمون أنه قد أبرأ الاكمه والابرص بإذن الله عزوجل.
فقال له علي عليهالسلام : لقد كان كذلك ، ومحمد (ص) (٣) أبرأ ذا العاهة من عاهته ، فبينما هو جالس (ص) إذ سأل عن رجل من أصحابه ، فقالوا : يارسول الله أنه قد صار من البلاء كهيئة الفرخ لا ريش عليه (٤) ، فأتاه (ص) فإذا هو كهيئة الفرخ من شدة البلاء ، فقال : قد كنت تدعو في صحتك دعاء؟ قال : نعم ، كنت ، أقول : يارب أيما عقوبة أنت معاقبي
___________________
(١) بصرى بالضم : من أعمال دمشق ، وهى قصبة كورة حوران.
(٢) علامات خ ل.
(٣) في المصدر وكتاب الاحتجاجات : ومحمد اعطى ما هو أفضل من ذلك ، أبرأ إه.
(٤) في المصدر : الذى لا ريش عليه.