ومن جبينه ومن تحت ثيابه ، فلما وصلوا إلى دار خديجة دخل هو صلوات الله عليه وآله وهو كأنه القمر في تمامه ، قد خرج من الافق ، وأعمامه محدقون به كأنهم اسود الشرى (١) ، في أحسن زينة وفرحة ، يكبرون الله ويحمدونه على ما وصلوا إليه من الكرامة ، فدخلوا جميعا إلى دارها ، وجلس النبي صلىاللهعليهوآله في المجلس الذي هيئ له في دار خديجة رضي الله عنها ، ونوره قد علا نور المصابيح ، فذهلت النساء مما رأين من حسنه وجماله ، ثم هيئوا خديجة للجلاء (٢) ، فخرجت أول مرة وعليها ثياب معمدة (٣) ، وعلى رأسها تاج من الذهب الاحمر ، مرصع بالدر والجوهر ، وفي رجليها خلخالان من الذهب ، منقوش بالفيروزج ، لم تر الاعين له نظيرا ، وعليه قلائد لا تحصى من الزمرد والياقوت ، فلما برزت ضربن النساء الدفوف. وجعلت بعض النساء تقول : شعرا :
أضحى الفخار لنا وعز الشأن |
|
ولقد فخرنا يا بني العدنان (٤) |
أخديجة نلت العلا (٥) بين الورى |
|
وفخرت فيه جملة الثقلان |
أعني محمدا الذي لا مثله |
|
ولد النساء في سائر الازمان |
فيه (٦) المكارم والمعالي والحيا |
|
ما ناحت الاطيار في الاغصان |
صلوا عليه وسلموا وترحموا |
|
فهو المفضل من بني عدنان |
فتطاولي فيه خديجة! واعلمي |
|
أن قد خصصت بصفوة الرحمان |
ثم أقبلن بها نساء بني هاشم للجلوة الثانية على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقد أشرق من نور وجهها نور علا على جميع المصابيح والشموع ، فتعجبت منها بنات عبدالمطلب حتى زاد فيها نور لم يرى الراؤون مثله ، وذلك فضل لرسول الله صلىاللهعليهوآله وعطية من الله تعالى لها ،
____________________
(١) الشرى : مأسدة جانب الفرات يضرب بها المثل.
(٢) من جلا العروس على زوجه : عرضها عليه مجلوة.
(٣) مغمدة خ ل.
(٤) ولقد سمونا في بنى عدنان خ ل صح.
(٥) بيت العلا فينا ونعلو في الورى * وتقاصرت عن مجدك الثقلان خ ل.
(٦) فله خ ل.