أثوابه ، وأقبل به إلى الكعبة ، وفي يده الحبل والسكين ، فلما رأته امه فاطمة قالت : يا عبدالمطلب ارم ما في يدك حتى يطمئن قلبي ، قال : إني قاصد إلى ربي أسأله أن يقبل مني الفداء في ولدي ، فإن نفدت أموالي وأموال قومي ركبت جوادي وخرجت إلى كسرى وقيصر (١) وملوك الهند ولاصين مستطعما على وجهي حتى أرضى ربي (٢) ، وأنا أرجو أن يفديه كما فدا أبي إسماعيل من الذبح ، وسار إلى الكعبة والناس حوله ينظرون ، فقال لهم : ( يا معاشر من حضر إياكم أن تعودوا إلي في ولدي كما فعلتم بالامس ، وتحولوا بيني وبين ذبح ولدي ) ، ثم إنه قدم (٣) عشرة من الابل وأوقفها (٤) وتعلق بأستار الكعبة ، وقال : ( اللهم أمرك نافذ ) ، ثم أمر صاحب القداح أن يضربها فضربها ، فخرج السهم على عبدالله ، فقال عبدالمطلب : ( لربي القضاء ) ، فزاد على الابل عشرة ، وأمر صاحب القداح أن يضربها ، فضربها فخرج السهم على عبدالله ، فقال أشراف قريش : لو قدمت غيرك يا عبدالمطلب لكان خيرا ، فإنا نخشى أن يكون ربك ساخطا عليك ، فقال لهم : إن كان الامر كما زعمتم فالمسئ أولى بالاعتذار ، ثم قال : ( اللهم إن كان دعائي عنك قد حجب من كثرة الذنوب فإنك غفار الذنوب ، كاشف الكروب ، تكرم علي بفضلك وإحسانك ) ثم زاد عشرة اخرى من الابل ورمق بطرفه نحو السماء وقال : ( اللهم أنت تعلم السر وأخفى ، وأنت بالمنظر الاعلى ، اصرف عنا البلاء كما صرفة عن إبراهيم الذي وفي ) ثم أمر صاحب القداح أن يضربها فضربها فخرج السهم على
_________________
(١) في المصدر : وقيصر الشام ، وبطارقة الروم ، وملوك الهند.
(٢) فيه غرابة : فان الذى تقدم في قول كاهنة أن الفداء لم تجاوز عن المأة ، فلو لم تخرج الازلام بعد ذلك على الابل بل خرجت على عبدالله فالمتعين قتله فعليه فلا معنى للخروج إلى كسرى وغيره.
(٣) في المصدر : يا معاشر الناس انكم تعلمون منزلة الولد ، لا يقاس به أحد ، لانها روح خرجت من روح ، وما أنتم بأشفق منى على ولدى ، وقد كانت منكم بالامس بى زلة وفعلة نكرة ، وأياكم أن تعودوا لمثلها ، وتحولون بينى وبين ولدى ، فاتركونى أناجى ربى ، وأرجوه أن يتكرم على بولدى ، فانه اهل الجود والكرم ، ثم ان عبدالمطلب قدم.
(٤) قد سقط من المصدر من هنا إلى قوله : اتركونى حتى أنفذ حكم ربى.