عبدالله ولده ليذبحه ، وهو لا يسمع (١) عذل عاذل ، ولا قول قائل ، وضجت الملائكة بالتسبيح ، ونشرت أجنحتها ، ونادى جبرئيل (٢) ، وتضرع إسرافيل وهم يستغيثون إلى ربهم ، فقال الله : يا ملائكتي إني بكل شئ عليم ، وقد ابتليت عبدي لانظر صبره على حكمي ، فبينما عبدالمطلب كذالك إذ أتاه عشرة رجال عراة حفاة ، في أيديهم السيوف ، وحالوا بينه وبين ولده ، فقال لهم : ما شأنكم؟ قالوا له : لا ندعك تذبح ابن اختنا ولو قتلتنا (٣) عن آخرنا ، ولقد كلفت هذه المرأة ما لا تطيق ، ونحن أخواله من بني مخزوم ، فلما رآهم قد حالوا بينه وبين ولده رفع رأسه إلى السماء ، وقال : ( يا رب قد منعوني أن أمضي حكمك ، واوفي بعهدك ، فاحكم بيني وبينهم بالحق وأنت خير الحاكمين ) ، فبينماهم كذلك (٤) إذ أقبل عليهم رجل من كبار قومه يقال له : عكرمة بن عامر (٥) ، فأشار بيده إلى الناس أن اسكتوا ، ثم قال : يا ابا الحارث اعلم أنك قد أصبحت سيد الابطح ، فلو فعلت بولدك هذا لصار سنة بعدك يلزمك عارها وشنارها ، وهذا لا يليق بك ، فقال : أترى يا عكرمة أغضب ربي؟ قال : إني أدلك (٦) على ما فيه الصلاح ، قال : ما هو يا عكرمة ، قال : إن معنا في بلادنا كاهنة (٧) عارفة ليس في الكهان أعرف منها ، تحدث بما يكون في ضمائر الناس وما يخفى في سرائرهم (٨) ، وذلك أن لها صاحبا من الجن يخبرها بذلك ، فلما سمع كلامه سكن ما به فأجمع رأيهم (٩) على ذلك ، فقالوا : يا أبا الحارث لقد تكلم عكرمة بالصواب ، فأخذ عبدالمطلب ولده وأقبل إلى منزله وأخذ
_________________
(١) فلما حققت الحقائق ، وأخذ الشفرة بيده وهو لا يسمع خ ل وفي المصدر : وقد اضطربت بماجرى علهيا ، وقد حققت الحقائق ، وأخذ الشفرة بيده وهو لا ايسمع.
(٢) في المصدر : فابتهل جبرائيل.
(٣) ولو قتلنا خ ل.
(٤) في ذلك خ ل.
(٥) في المصدر : وكان سيد قومه.
(٦) في المصدر زيادة هى : وأرضى عباده واخلف عهده ، قال عكرمة : هل أدلك.
(٧) في المصدر : قال عكرمة : اعلم أيها السيد ان جوارنا كاهنة.
(٨) وما يجول في سرائرهم خ ل وفي المصدر : وما يحول.
(٩) فلما سمع كلامه أصغى إليه وسكن. وهكذا هو في المصدر. وفيه : فأجمعوا رأيهم.