والآخر عبدالله أبورسول الله صلىاللهعليهوآله (١) ، وكان عبدالله أصغر أولاده ، وكان في وجهه نور رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فأولاد عبدالمطلب الحارث وأبولهب والعباس وضرار وحمزة والمقوم والحجل والزبير وأبوطالب وعبدالله (٢) ، وكان عبدالمطلب قائما مجتهدا في خدمة الكعبة ، وكان عبدالمطلب نائما في بعض الليالي قريبا من حائط الكعبة فرأى رؤيا فانتبه فزعا مرعوبا ، فقام يجر أذياله ويجر ردائه إلى أن وقف على جماعته وهو يرتعد فزعا ، فقالوا له : ماوراءك يا أبا الحارث؟ إنا نراك مرعوبا طائشا ، فقال : إني رأيت كأن قد خرج من ظهري سلسلة بيضاء مضيئة ، يكاد ضوئها يخطف الابصار ، لها أربعة أطراف ، طرف منها قد بلغ المشرق ، وطرف منها قد بلغ المغرب ، وطرف منها قد غاص تحت الثرى ، وطرف منها قد بلغ عنان السماء ، فنظرت (٣) وإذا رأيت تحتها شخصين عظيمين بهيين ، فقلت لاحدهما : من أنت؟ فقال : أنا نوح نبي رب العالمين ، وقلت للآخر : من أنت؟ قال : أنا إبراهيم الخليل ، جئنا نستظل بهذه الشجرة ، فطوبى لمن استظل بها ، والويل لمن تنحى عنها ، فانتبهت لذلك فزعا مرعوبا فقال له الكههنة : يا أبا الحارث هذه بشارة لك ، وخير يصل إليك ، ليس لاحد فيها شئ ، وإن صدقت رؤياك ليخرجن من ظهرك من يدعو أهل المشرق والمغرب ، ويكون رحمة لقوم ، وعذابا على قوم ، فانصرف عبدالمطلب فرحا مسرورا ، وقال في نفسه : ليت شعري من يقبض النور من ولدي ، وكان يخرج كل يوم إلى الصيد وحده ، فأخذه ذات يوم العطش فنظر إلى ماء صاف في حر معين ، فشرب منه فوجده أبرد من الثلج ، وأحلى من العسل ، وأقبل من وقته وغشى زوجته فاطمة بنت عمرو ، فحملت بعبدالله أبي رسول الله (ص) ، فانتقل النور الذي كان في وجهه إلى زوجته فاطمة ، فما مرت بها الليالي والايام حتى ولدت عبدالله أبا رسول الله (ص) ، فانتقل النور إليه ، فلما ولدته
_________________
(١) وعد اليعقوبى في تاريخه من أولادها أيضا الزبير وعبدالكعبة وهوم المقوم.
(٢) وأضاف اليعقوبى قثم ، وذكر أن امه وام الحارث واحدة وهو صفية بنت جندب بن حجير بن رئاب بن حبيب بن سواءة بن عامر بن صعصعة.
(٣) في المصدر زيادة هى : فبينما أنا أنظر اليها واذا هي قد تحولت شجرة بيضاء زاهرة ، لها أغصان قد بلغت إلى عنان السماء ، فنظرت.