السابع دعا عبدالمطلب ولده عبدالله وقال : يا بني إنه قرب ولادة آمنة ، ونحن نريد أن نعمل وليمة ، وليس عندنا شئ ، فامض إلى يثرب واشترلنا منها ما يصلح لذلك ، فخرج عبدالله من وقته ، وسافر حتى وصل إلى يثرب ، وطرقته حوادث الزمان فمات (١) بها ، ووصل خبره إلى مكة ، فعظم عليهم ذلك ، وبكى أهل مكة جميعا عليه ، واقيمت المآتم في كل ناحية ، وناح عليه أبوه وآمنة وإخوته ، وكان مصابا هائلا فظيعا ، فلما كان الشهر التاسع أراد الله تعالى خروج النبي صلىاللهعليهوآله وهي لم يظهر لها أثر الحمل ، ولا ما تعتاده النسآء ، وكانت تحدث نفسها كيف وضعي ، ولم يعلم بي أحد من قومي؟ وكانت دار آمنة (٢) وحدها ، فبينما هي كذلك إذ سمعت وجبة (٣) عظيمة ففزعت من ذلك ، فإذا قد دخل عليها طير أبيض ، ومسح بجناحه على بطنها ، فزال عنها ما كانت تجده من الخوف ، فبينما هي كذلك إذ دخل عليها نسوان طوال ، يفوح منهن رائحة المسك والعنبر ، وقد تنقبن بأطمارهن (٤) ، وكانت من العبقري الاحمر ، وبأيديهن أكواب من البلور الابيض ، قالت آمنة : فقلن لي : اشربي يا آمنة من هذا الشراب ، فلما شربت أضاء نور وجهي ، و علاه نور ساطع ، وضيآء لامع ، وجعلت أقول : من أين دخلن علي هذه النسوة ، وكنت قد أغلقت الباب؟ فجعلت أنظر إليهن ولم أعرفهن ثم قلن : يا آمنة اشربي من هذا الشراب ، وابشري بسيد الاولين والآخرين محمد المصطفى صلىاللهعليهوآله ، وسمعت قائلا قول :
صلى الاله وكل عبد صالح |
|
والطيبون على السراح الواضح |
المصطفى خير الانام محمد |
|
الطاهر العلم الضيآء اللائح |
زين الانام المصطفى علم الهدى |
|
الصادق البر التقي الناصح |
صلى عليه الله ما هب الصبا |
|
وتجاوبت ورق الحمام النائح |
_________________
(١) قد روى خروجه لغير ذلك كما تقدم في أخبار اخر.
(٢) وكانت آمنة في دار وحدها خ ل.
(٣) الوجبة : السقطة مع الهدة أو صوت الساقط.
(٤) بأرياط لهن خ ل ، قلت : الريطة : الملاءة اذا كانت قطعة واحدة ونسجا واحدا. كل ثوب يشبه الملحفة.