وطوبى لمن اتبعه (١) ، فلم يبق أحد من بني هاشم إلا فرح بما ذكرت الزرقاء ، ووعدوها بخير (٢) ، فقالت لهم : لست محتاجة إلى مال ولا رفاد ، ولكن ماجئت من الاقطار إلا لاخبركم بحقيقة الاخبار (٣) ، فقال أبوطالب : قد وجب حقك علينا ، فهل لك من حاجة؟ قالت : نعم ، اريد أن تجمع بيني وبين آمنة حتى أتحقق ما اخبركم به ، قال : سمعا وطاعة ، فجاء بها إلى منزل آمنة ، فطرق الباب ، فقامت آمنة لفتح الباب فلاح من وجهها نور ساطع ، وضيآء لامع فسقطت (٤) الزرقاء حسدا ، وأظهرت تجلدا ، فلما دخلت المنزل أتوها بطعام فلم تأكل ، وقالت : سوف يكون لمولود كم هذا عجب عجيب ، وسوف تسقط الاصنام ، وتخمد الازلام ، وينزل على عبادها الدمار ، ويحل بهم البوار (٥) ، ثم إنها خرجت من المنزل متفكرة في قتل آمنة ، وكيف تعمل الحيلة ، وجعلت تتردد إلى سطيح وتطلب منه المساعدة ، فلم يلتفت إليها ولا إلى قولها ، فأقبلت حتى نزلت على امرأة من الخزرج اسمها تكنا (٦) ، وكانت ما شطة لآمنة ، فلما كان في بعض الليالي استيقظت تكنا فرأت عند رأس الزرقاء شخصا يحدثها ، ويقول :
كاهنة اليمامة |
|
جاءت بذي تهامة |
_________________
(١) لمن اتبعه وعاضده خ ل. وفي المصدر : طوبى لمن تبعه وعاضده ، والويل لمن خالفه وعائده.
(٢) في المصدر : بما قالت الزرقاء ووعدها خيرا.
(٣) في المصدر : فقالت لهم : ما أناذات فقر ولا إملاق ، وإني لكثير المال ، جاهى طويل ، ومالى جزيل ، وما أزعجنى عن الاوطان واتانى إلى هذا المكان الا أبشركم.
(٤) فتقطعت خ ل وفي المصدر : فقطعت.
(٥) في المصدر : فلما دخلت المنزل واستقربها الجلوس أتوها بالطعام فأبت أن تأكل ، وقال ما آكل زادكم ، ولا أخرج من بلادكم حتى أنظر ما يكون من ولدكم ، وسترون ما يظهر عند مولده من العجائب ، من سقوط الاصنام ، وما ينزل بمعاديه من الدمار.
(٦) هكذا في النسخة. وفي المصدر ، وكذا فيما يأتي ، والصحيح تكنى ، قال الفيروزآبادى : تكنى بالضم : اسم امرأة.