يتزوج بآمنة بنت وهب ، وكان نور النبي صلىاللهعليهوآله في وجهه ، وأن الزرقاء نظرت إليه وقد نزل بقصر من قصور اليمامة ، وذهب أبوه عبدالمطلب في حاجة وتركه عند متاعه وسيفه عند رأسه ، فنزلت الزرقاء مسرعة ، وفي يدها كيس من الورق ، فوثبت عليه (١) ثم قالت له : يا فتى حياك الله بالسلام ، وجللك بالانعام ، من أي العرب أنت؟ فما رأيت أحسن منك وجها ، قال : أنا عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف ، سيد الاشراف ، ومطعم الاضياف ، سادات الحرم ، ومن لهم السابقة في القدم ، فقالت : فهل لك يا سيدي من فرحتين عاجلتين؟ قال : وما هما؟ قالت : تجامعني الساعة ، وتأخذ هذه الدراهم ، وأبذل لك مأة من الابل محملة تمرا وبسرا وسمنا ، فلما استتم كلامها قال : إليك عني ، فما أقبح صورتك يا ويلك (٢) ، أما علمت أنا قوم لا نركب الآثام (٣) ، اذهبي ، وتناول سيفا كان نده فانهزمت ورجعت خائبة ، فأقبل أبوه فوجده وسيفه مسلول وهو يقول شعرا :
أنرتكب الحرام بغير حل |
|
ونحن ذووا المكارم في الانام |
إذا ذكر الحرام فنحن قوم |
|
جوارحنا تصان عن الحرام |
فقال أبوه : يا ولدي ما جرى (٤) عليك بعدي؟ فأخبره بخبره ، ووصف له صفاتها فعرفها ، وقال له : يا بني هذه زرقاء اليمامة (٥) ، قد نظرت إلى النور الذى في وجهك يلوح ، فعرفت أنه الشرف الوكيلد ، والعز الذى لا يبيد ، فأرادت أن تسلبه منك ، والحمد لله الذي عصمك عنها ، ثم رحل به إلى مكة ، وزوجه بآمنة بنت وهب ، فلما رأته الزرقاء عرفته ، وعلمت أنه تزوج ، فقالت : ألست صاحبي باليمامة في يوم كذا؟ قال لها :
_________________
(١) فوقفت عنه رأسه خ ل.
(٢) في المصدر : اليك عنى ، فما أشر غرتك ، وأقبح طلعتك وخطابك؟ مالك ولهذا الكلام؟ أما علمت.
(٣) في المصدر زيادة هى : ولا نحب الحرام ، اذهبى بالذلة والارغام ، إنى أظنك من نسل اللئام ، فقالت له : يا هذا انى أزيد لك المال النوال ( كذا ) ، وأبذل لك النوال ، قال : فلما سمع كلامها وأنها لا تنتهى عماهى عليه قبض على سيفه ، وهم أن يضربها به فوثبت هاربة ، ورجعت خائبة.
(٤) وما خ ل ، وفي المصدر : فما جرى لك من بعدي؟
(٥) في المصدر : كاهنة اليمامة.