يا معاشر قريش حييتم بالاكثار ، وعمرت بكم الديار ، فإني فارقت أهلي وخرجت من أوطاني ، وجعلت قصدي إليكم لاخبركم عن أشياء قد دنت وقربت ، وسوف يظهر في دياركم عن قريب العجب العجيب ، فإن أذنتم لي بالنزول نزلت ، وإن أحببتم الرحيل رحلت ، ثم قالت شعرا :
إني لاعلم ما ياتي من العجب |
|
بأرضكم هذه يا معشر العرب |
لقد دنا وقت مبعوث لامته |
|
محمد المصطفى المنعوت في الكتب |
فعن قليل سيأتي وقت بعثته |
|
يرمي معانده بالذل والحرب |
يدعو إلى دين غير اللات مجتهدا |
|
ولا يقول بأصنام ولا نصب |
وقد أتيت لاخبركم ببينة |
|
مما رأيت من الانوار والشهب |
عما قليل ترى النيران مضرمة (١) |
|
ببطن مكة ترمي الجمع باللهب |
فإن أذنتم وإلا رحت راجعة |
|
وتندمون إذا ما جاء بالعطب |
وآخر بذباب (٢) السيف يعضده |
|
قرن يدانيه في الاحساب والنسب |
فلما سمع قريش كلامها وشعرها أمروها بالنزول ، فنزلت ، وقالوا : هل تنطق بما نطق به سطيح أم لا ، فقال لها عتبة (٣) : ما الذي راع سيدة اليمامة؟ هل لك من حاجة فتقضى؟ فقالت : إني لست ذات فقر ولا إقلال ، ولا محتاجة ، إلى رفد ولا مال ، بل جئتكم ببشارة ابشركم ، وحذراحذركم ، وليست البشارة لي ، بل هي وبال علي (٤) ، فقال عتبة : يا زرقاء وما هذا الكلام؟ أراك توعدين نفسك وإيانا بالبوار والدمار ، فقلت : يا أبا الوليد ، ومن هو بالمرصاد ، ليخرجن من هذا الواد ، نبي يدعو إلى الرشاد ، وينهى عن
_________________
(١) ضارمة خ ل قلت : ضرم النار : اشتعلت. وأضرم النار : أوقدها وأشعلها. وألهبها.
(٢) ذباب السيف : طرفه الذى يضرب به.
(٣) في المصدر : قال : فلما سمعوا قولها أمروها بالنزول والجلوس عندهم ، ليعلموا ما عندها ، ويتحققون علمها ، وهل تنطق بمثل ما نطق به سطيح أم لا ، فقالوا : أيتها الزرقاء انزلى عندنا بالرحب والسعة ، فنزلت عن البعير ، وجلستفى أوساطهم ، فقال لها عتبة بن ربيعة.
(٤) في المصدر : وبال على وعليكم ، وهلاكى وهلاك من كان مثلى.