وجعل يبكى ويقول : يا ذوي الشرف ، هذه والله الحاملة بالنبي المختار رسول الله (ص) ، فلما دنت آمنة منه قال لها : ألست حاملة؟ قالت : نعم ، فالتفت عند ذلك إلى قريش ، وقال الآن شهد قلبي ، وثبت لبني ، وصدقني صاحباي (١) ، هذه سيدة نسآء العرب والعجم ، وهي الحامل بأفضل الامم ، ومبيد كل وثن وصنم ، يا ويح العرب منه ، قددنا ظهوره ، ولاح نوره ، وكأني (٢) أرى من يخالفه قتيلا ، وفي التراب جديلا (٣) ، وطوبى لمن صدق منكم بنبوته ، وآمن برسالته ، ثم طوبى له قد أخذ الارض ، ورجعت له بالامن طولها والعرض (٤) ، ثم التفت إلى فاطمة وصاح صيحة ، وشهق شهقة ، وخر مغشيا عليه ، فلما أفاق من غشيته انتحب وبكى ، وقال بأعلى صوته : هذه والله فاطمة بنت أسد ، ام الامام الذي يكسر الاصنام (٥) ، وهو الامير الذي ليس في عقله طيش ، قاتل الشجعان ، ومبيد الاقران ، الفارس الكمي ، والضيغم القوي ، المسمى (٦) بأميرالمؤمنين علي ، ابن عم النبي عليهما أفضل الصلاة والسلام ، آه ثم آه ، كم ترى عيني من بطل مكبوب. وفارس منهوب ، فلما سمع قريش كلام سطيح وثبوا عليه بالسيوف ليقتلوه ، فمنعهم بنوهاشم وجميع قريش (٧) ، ونادى أبوجهل لعنه الله : افسحوا لي عن هذا الكاهن ، فلابد لنا من قتله حتى نشتفي منه ، وإن حلتم دونه لاجعلن لكم الدمار ، ولاردنكم البوار (٨) فالتفت أبوطالب إليه
_________________
(١) صاحبى خ ل م وهو الموجود في المصدر.
(٢) في المصدر : ياويح العرب ، من شدة قددنا أو آن ظهور محمد الامين ، يدعو إلى دين رب العالمين ، وكأنى اه.
(٣) هكذا في النسخة ، وفي المصدر : جليلا ولعله أظهر ، وهو من جلل الشئ ، غطاه. وزاد في المصدر : إني أرى أن عزكم يزول ، شرفكم يحول ، فطوبى اه.
(٤) في المصدر مكان قوله : ثم طوبى ( إلى ) والعرض : ثم طوبى له فلقد أخذ بالامر الوثيق ، ونجامن كل ضيق.
(٥) في المصدر هنا زيادة هى : ويبيد الاوثان.
(٦) الموجود في الصمدر هكذا : وهو الامين الذى لافى عقله طيش ، يخرب أطلالكم ، ويتيم أطفالكم ، سيفه في رؤوسكم مغمود ، وشره عنكم غير مردود ، قاتل الشجعان ، الممى بعلى.
(٧) في المصدر : واجتمع قريش.
(٨) لنعجلن بكم الدمار ، ولنوردن عليكم البوار خ ل قلت : والمصدر خال عنه وعما في الصلب.