خلقتك ، أنت صفوتي من خلقي ، وموضع سرى ، وعيبة (١) علمي ، وأميني على وحيي ، وخليفتي في أرضي ، لك ولمن تولاك أوجبت رحمتي ، ومنحت جناني ، وأحللت جواري ، ثم وعزتي وجلالي لاصلين (٢) من عاداك أشد عذابي ، وإن وسعت عليه في دنباى من سعة رزقي ، فإذا انقضي الصوت صوت المنادي أجابه هو واضعا يديه ، رافعا رأسه إلى السمآء يقول : ( شهد الله أنه لا إله إلا هو ، والملائكة واولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ) قال : فإذا قال ذلك أعطاه الله العلم الاول والعلم الآخر ، واستحق زيارة الروح في ليلة القدر (٣).
٣٧ ـ أقول : روى (٤) الشيخ أبوالحسن البكري في كتاب الانوار عن أبي عمرو الشيباني وجماعة من أهل الحديث أن السحرة والكهنة ولاشياطين والمردة والجان قل مولد (٥) رسول الله صلىاللهعليهوآله كانوا يظهرون العجائب ويأتون بالغرائب ، ويحدثون الناس بما يخفون من السرائر ، ويكتمون في الضمائر ، وتنطق السحرة والكهنة على ألسنة الجن والشياطين والمردة بما يسترقون من السمع من الملائكة ، ولم تحجب السمآء عن الشياطين حتى بعث النبى صلىاللهعليهوآله.
قال البكري : ولقد بلغنا أنه كان بأرض اليمامة كاهنان عظيمان فاقا على أهل زمانهما في الكهانة ويتحدث الناس بهما في كل مكان ، وكان أحدهما اسمه ربيعة بن مازن (٦) ويعرف بسطيح ، وهو أعلم الكهان ، والآخر اسمه وشق (٧) بن باهلة اليماني ، فأما سطيح فإن الله تعالى قدخلقه قطعة لحم بلا عظم ولا عصب سوى جمجمة رأسه ، وكان يطوى كما
_________________
(١) العيبة : الزنبيل من ادم. ما تجعل فيه الثياب كالصندوق.
(٢) صلى وأصلى فلانا النار : أدخله إياها وأتواه فيها.
(٣) الاصول ١ : ٣٨٥ و ٣٨٦.
(٤) من هنا أول الجزء السادس من كتاب الانوار على نسختى.
(٥) مبعث خ ل ، وهو الموجود في نسختى.
(٦) ابن غسان خ ل وهو الموجود في نسختى ، وتقدم قبل ذلك نسبه.
(٧) شق خ ل في جميع المواضع ، وهو الصحيح ، وقد تقدمنا ذكر نسبه راجعه.