فبينا هو يسير إذا انتسفت دجلة بالبنيان فلم يدرك إلا بآخر رمق ، فدعاهم فقال : والله لآمرن على آخركم ، ولانزعن أكتافكم ، ولاطر حنكم تحت أيدي الفيلة ، أو لتصدقني ما هذا الامر الذى تلقون علي؟ قالوا لا نكذبنك أيها الملك ، أمرتنا حين انخرقت عليك دجلة وانقضت (١) عليك طاق مجلسك من غير ثقل أن ننظر في علمنا (٢) ، فأظلمت علينا بأقطار السمآء (٣) فتردد علمنا في أيدينا ، فلا يستقيم لساحر سحره ، ولا لكاهن كهانته ، ولا لمنجم علم نجومه فعرفنا أن هذا الامر حدث من السمآء ، وأنه قد بعث نبي أو هو مبعوث ، فلذلك حيل بيننا وبين علمنا ، فخشينا إن نفينا (٤) إليك ملكك أن تقلنا ، فكرهنا من الموت ما يكره الناس فعللناك عن أنفسنا بما رأيت ، قال : ويحكم فهلا يكون بينتم لي هذا فأرى فيه رأيي؟! قالوا : منعنا من ذلك ما تخوفنا منك ، فتركهم ولها عن دجلة حين غلبته (٥).
بيان : التسكع : التيحر والتمادي في الباطل. والمرازبة : رؤساء الفرس وامراءهم ، ويقال : نميته تنمية أى رفعته ، ولفق الحديث : زخرفه ، ثم الظاهر إن قوله : فلما أن بعث الله نبيه ، من سهو الرواة أو الكتاب ، وكان مكانه فلما ولد النبي صلىاللهعليهوآله كما عرفت في الاخبار السابقة ، على أنه يحتمل وقوع مثل هذا في الوقتين معا.
٢٥ ـ عم : ولد صلىاللهعليهوآله يوم الجمعة عند طلوع الشمس ، السابع عشر من شهر ربيع الاول عام الفيل ، وفي رواية العامة ولد صلىاللهعليهوآله يوم الاثنين ، ثم اختلفوا فمن قائل يقول : لليلتين من شهر ربيع الاول ، ومن قائل يقول : لعشرليال خلون منه ، وذلك لاربع وثلاثين سنة وثمانية أشهر مضت مزملك كسرى أنوشيروان بن قباد ، وهو قاتل مزدك والزنادقة ومبيرهم ، وهو الذى عنى رسول الله (ص) على ما يزعمون ولدت في زمان الملك لصالح (٦) ،
_________________
(١) في المصدر وتاريخ الطبرى : وانقصمت.
(٢) في المصدر وتاريخ الطبرى : أن ننظر في علمنا لم ذلك ، فنظرنا فأظلمت.
(٣) في تاريخ الطبرى : فأظلمت علينا الارض ، وأخذ علينا بأقطار السماء فتردد علينا علمنا في أيدينا وفي المصدر : فتردى علمنا وسقط في أيدينا.
(٤) في المصدرو تاريخ الطبرى : إن نعينا.
(٥) فرج المهموم : ٣٢ ٣٥. والرواية توجد في الطبرى ١ : ٥٩٦ ٥٩٨.
(٦) في المصدر : الملك العادل الصالح.