قال الواقدي : ثم قاموا في تغسيله فغسلوه وكفنوه وحنطوه ، وجعلوه في أعواد المنايا وحملوه إلى ذيل الصفا ، وما بقي في مكة شيخ ولا شاب ولا حر ولا عبد من الرجل و النساء إلا وقد ذهبوا إلى جنازته وعظموها ودفنوه ، فرجع الخلق من جنازته باكين عليه لفقده من مكة ، فقالت عاتكة بنت عبدالمطلب ترثي أباها وتقول :
ألا يا عين ويحك فاسعديني |
|
بدمع واكف (١) هطل غزير |
على رجل أجل الناس أصلا |
|
وفرعا في المعالي والظهور |
طويل الباع أروع شيظميا |
|
أغر كغرة القمر المنير (٢) |
وقالت صفية ترثي أباها :
أعيني جودا بالدموع السواكب |
|
على خير شخص من لوي بن غالب (٣) |
أعيني جودا عبرة بعد عبرة |
|
على الاسد الضرغام محض الضرائب (٤) |
وقالت برة بنت عبدالمطلب تبكي أباها وترثيه :
أعيني جودا بالدموع الهواطل |
|
على النحر مني (٥) مثل فيض الجداول |
ولا تسأما أن تبكيا كل ليلة |
|
ويوم على مولى كريم الشمائل |
أبا الحارث الفياض ذوالباع والندى |
|
رئي س قريش كلها في القبائل |
فأسقى مليك الناس موضع قبره |
|
بنوء الثريا (٦) ديمة بعد وابل |
_________________
(١) وكف الدمع : سال قليلا قليلا. قوله : هطل من هطل المطر : نزل متتابعا متفرقا عظيم القطر.
(٢) في الفضائل هنا زيادة هى :
فقد فارقت ذاكرم وخير |
|
وبكى هاشم وبنى أبيه |
ثمار الناس في السنة الترور |
|
وغيث للعرى في كل أرض |
اذا ظن الغنى على الفقير
(٣) في الفضائل هنا زيادة هى هذه :
اعينى لا تسحرا من بكاكما |
|
على ما جدالعراف عف المكاسب |
(٤) في الفضائل بعده أبيات هى :
أبا الحارث الفياض ذى الحلم والبها |
|
وذى الباع والباعون زين المناسب |
وذو اماجد الغرالرفيع وذو الندى |
|
وذو العون عند المعضلات النوائب |
فان تبكياه تبكيا ذامهابة |
|
كريم المساعى حمله غير عازب |
(٥) في الفضائل : على البحر منى.
(٦) قال الجزرى : فيه ثلاث من أمر الجاهلية : الطعن في الانسان ، والنياحة ، والانواء