عيوننا بخذلان عدوك ، فأطال الله تعالى في سوابغ نعمه مدتك ، وهنأك بما منحك ، ووصلها بالكرامة الابدية ، فلا خيب دعائي فيك أيها الملك ، ففرح سيف بدعائه واستقر له بالمحبة بما سمع من تهنيته ، ثم أمره أن يصير هو ومن معه بالباب من أصحابه إلى دارالضيافة إلى أن يؤمر (١) بإحضارهم بعد هذا اليوم إلى مجلسه ، فمضى وحجابه وخدمه بين يديه إلى حيث أمرهم ، وخرج عبدالمطلب واستوى على جمله وأتبعه أصحابه وبين يديه غلمان الملك وحوله حتى أنزلوه وأصحابه الدار ، وبالغوا بالتوصية به وبأصحابه ، فأمر الملك أن يجري عليهم في كل يوم ألف درهم بيض ، فبقي عبدالمطلب في دار الضيافة سريرا (٢) حتى تصرمت أيام الورد ، فلما كان في اليوم الذي أراد فيه مجلسه للتسليم عليه والنظر في أمره ذكر عبدالمطلب في شطر من ليلته فأمر بإحضاره وحده ، فدخل عليه الرسول فأمره وأعلمه بمراد الملك منه ، فقام معه إليك ، فإذا الملك في مجلسه وحده ، فقال لخدمه : تباعدوا عنا ، فلم يبق في المجلس غير الملك وعبدالمطلب ، وثالثهم رب العزة تبارك وتعالى ، فقال له الملك : يا أبا الحارث ، إن من آرائي أن افوض إليك علما كنت كتمته عن غيرك ، وأريد أن أضعه عندك ، فإنك موضع ذلك ، وأريد أن تطويه وتكتمه إلى أن يظهره الله تعالى ، فقال عبدالمطلب : السمع والطاعة للملك ، وكذا الظن بك فقال الملك : اعلم يا أبا الحارث إن بأرضكم غلاما حسن الوجه والبدن ، جميل القد والقامة ، بين كتفيه شامة (٣) ، المبعوث من تهامة ، أنبت اله تعالى على رأسه شجرة النبوة ، وظللته الغمامة ، صاحب الشفاعة يوم القيامة ، مكتوب بخاتم النبوة على كتفيه سطران : لا إله إلا الله ، والثاني محمد رسول الله ، والله تعالى أمات امه وأباه ، وتكون تربيته على جده وعمه ، وإني وجدت في كتب بني إسرائيل صفته أبين وأشرح من القمر بين الكواكب ، وإني أراك جده ، فقال عبدالمطلب : أنا جده أيها الملك ، فقال الملك : مرحبا بك وسهلا يا أبا الحارث ، ثم قال له الملك : اشهدك على نفسي يا أبا الحارث إني مؤمن به وبما يأتي
_________________
(١) إلى أن يأمر خ ل.
(٢) السرير. الذى يسراخوانه ويبرهم ، وفي هامش نسخة المصنف مكانه : سرابرا.
(٣) الشامة : الخال.