أعمامه (١) ويأخذونه ليؤخروه فيقول لهم عبدالمطلب إذا راى ذلك منهم : دعوا ابني ، فوالله إن له لشأنا عظيما ، إني أرى أنه سيأتي عليكم يوم وهو سيدكم ، إني أرى غرته غرة تسود الناس ، ثم يحمله فيجلسه معه ، ويمسح ظهره ويقبله ، ويقول : ما رايت قبلة أطيب منه ، ولا أطهر قط (٢) ، ولا جسدا ألين منه ولا أطيب ، ثم يلتفت (٣) إلى أبى طالب وذلك أن عبدالله وأبا طالب لام واحدة فيقول : يا أبا طالب إن لهذا الغلام لشأنا عظيما فاحفظه واستمسك به ، فإنه فرد وحيد ، وكن له كالام لا يصل إليه شئ يكرهه ، ثم يحمله على عنقه فيطوف به اسبوعا ، وكان عبدالمطلب قد علم أنه يكره اللات والعزى فلا يدخله عليهما ، فلما تمت له ست سنين ماتت امه آمنة بالابواءبين المكة والمدينة ، وكانت قدمت به على أخواله من بني عدي ، فبقي رسول الله صلىاللهعليهوآله يتيما لا أب له ولا أم فازداد عبدالمطلب له رقة وحفظا ، وكانت هذه حاله حتى أدرك عبدالمطلب الوفاة فبعث إلى أبي طالب ومحمد على صدره وهو في غمرا الموت وهو يبكي ، ويلتفت إلى أبي طالب ويقول : يا أبا طالب انظر أن تكون حافظا لهذا الوحيد الذي لم يشم رائحة أبيه ، ولم يذق شفقة امه ، انظر يا أبا طالب أن يكون من جسدك بمنزلة كبدك ، فإني قد تركت بني كلهم وأوصيتك به لانك من ام أبيه ، يا أبا طالب إن أدركت أيامه تعلم (٤) أني كنت من أبصر الناس به ، وأنظر الناس وأعلم (٥) ، فإن استطعت أن تتبعه فافعل وانصره بلسانه ويدك ومالك ، فإنه والله سيسودكم ويملك ما لم يملك أحد (٦) من بني آبائي ، يا أبا طالب ما أعلم أحدا من آبائك مات عنه أبوه على حال ابيه ، ولا امه على حال امه ، فاحفظه لوحدته ، هل قبلت وصيتي؟ قال : نعم قد قبلت والله علي بذلك
_________________
(١) في نسخة من المصدر : فيعظم ذلك على أعمامه خل.
(٢) في المصدر : ما رأيت قبله من هو أطيب منه ولا أطهر قط.
(٣) في المصدر : ثم التفت.
(٤) في المصدر : فاعلم.
(٥) في المصدر : وأعلم الناس به. وهو يخلو عن قوله : وأنظر.
(٦) ما لم يملك كل واحد خ ل.