فإذا ما بلغ الدور إلى |
|
منتهى الوقت أتى الطين فدم |
بكتاب فصلت آياته |
|
فيه تبيان أحاديث الامم |
فلما أصبح عبدالمطلب جمع بنيه وأرسل الحارث ابنه الاكبر إلى أعلى أبي قبيس فقال : انظر يا بني ماذا يأتيك من قبل البحر فرجع فلم ير شيئا ، فأرسل واحدا بعد آخر من ولده فلم يأته أحد منهم عن البحر بخبر ، فدعا عبدالله وإنه لغلام حين أيفع (١) ، وعليه ذؤابة تضرب إلى عجزه ، فقال : اذهب فداك أبي وامي ، فاعل أبا قبيس فانظر ماذا ترى يجئ من البحر ، فنزل مسرعا فقال : يا سيد النادي (٢) رأيت سحابا من قبل البحر مقبلا ، يستفل تارة ، ويرتفع اخرى ، إن قلت غيما قلته ، وإن قلت جهاما خلته ، يرتفع تارة ، وينحدر أخرى ، فنادى عبدالمطلب يا معشر قريش ادخلوا منازلكم ، فقد أتاكم الله بالنصر من عنده ، فأقبلت الطير الابابيل في منقار كل طائر حجر ، وفي رجليه حجران ، فكان الطائر الواحد يقتل ثلاثة من أصحاب أبرهة ، كان يلقي الحجر في قمة (٣) رأس الرجل فيخرج من دبره ، وقد قص الله تبارك وتعالى نبأهم في كتابه فقال سبحانه ( ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ) السورة ، السجيل : الصلب من الحجارة. والعصف : ورق الزرع. ومأكول يعني كأنه قد اخذ ما فيه من الحب فأكل وبقي لا حب فيه ، وقيل : إن الحجارة كانت إذا وقعت على رؤوسهم وخرجت من أدبارهم بقيت أجوافهم فارغة خالية حتى يكون الجسم كقشر الحنظلة (٤).
بيان : قال الجوهري : العكة بالضم : آنية السمن ، ورملة حميت عليها الشمس ، وفورة الحر. وعكة اسم بلد في الثغور. والجحفل : الجيش. والاندر : البيدر. ولعل فيه تصحيفا (٥) والجفار جمع جفر وهو من أولاد الشاة ما عظم ، وجمع جفرة وهي جوف الصدر ، وسعة في الارض مستديرة. والامم محركة : اليسير. والفدم : الاحمر المشبع حمرة ، ولعله
_________________
(١) يقع وأيقع الغلام : ترعرع وناهز البلوغ.
(٢) النادى : مجلس القوم ما داموا مجتمعين فيه.
(٣) القمة بالكسر : أعلى كل شئ.
(٤) كقشر الحنطة خ ل كنز الكراجكى : ٨١ و ٨٢
(٥) لان في الصلب : الاندار.