ابن الجلاح ، وخرج إليه من اليهود بنيامين القرطي (١) ، فقال له احيحة : أيها الملك نحن قومك ، وقال بنيامين : هذه بلدة لا تقدر أن تدخلها ولوجهدت. قال : ولم؟ قال : لانها منزل نبي من الانبياء يبعثه الله من قريش ، قال : ثم خرج يسير حتى إذا كان من مكة على ليلتين بعث الله عليه ريحا قصفت (٢) يديده ورجليه ، وشنجت (٣) جسده ، فأرسل إلى من معه من اليهود فقال : ويحكم ما هذا الذي أصابني؟ قالوا : حدثت نفسك بشئ؟ قال : نعم ، وذكر ما أجمععليه من هدم البيت ، وإصابة ما فيه ، قالوا : ذاك بيت الله الحرام ، ومن أراده هلك ، قال : ويحكم وما المخرج مما دخلت فيه؟ قالوا : تحدث نفسك بأن تطوف به وتكسوه وتهدي له ، فحدث نفسه بذلك فأطلقه الله ، ثم سار حتى دخل مكة فطاف بالبيت ، وسعى بين الصفا والمروة ، وكسى البيت ، وذكر الحديث في نحره بمكة وإطعامه الناس ، ثم رجوعه إلى اليمن وقتله وخروج ابنه إلي قيصر واستعانته به (٤) فيما فعل قومه بأبيه ، وإن قيصرا كتب له إلى النجاشي ملك الحبشة وأن النجاشي بعث معه ستين ألفا ، واستعمل عليهم روز به حتى قاتلوا حمير قتله أبيه ، ودخلوا صنعاء فملكوها وملكوا اليمن ، وكان في أصحاب روز به رجل يقال له : أبرهة وهو أبويكسوم ، فقال لروزبه أنا أولى بهذا الامر منك ، وقتله مكرا ، وأرضى النجاشي ، ثم إنه بنى كعبة باليمنو جعل فيها قبابا من ذهب ، وأمر أهل مملكته بالحج إليها يضاهي بذلك البيت الحرام ، وإن رجلا من بني كنانة خرج حتى قدم اليمن فنظر إليها ، ثم قعد فيها ، يعني لحاجة الانسان ، فدخلها أبرهة فوجدتلك العذرة فيها ، فقال : من اجترء علي بهذا؟ ونصرانيتي لاهد من ذلك البيت حتى لا يحجه حاج أبدا ، فدعا بالفيل وأذن قومه (٥) بالخروج
_________________
(١) في المصدر : القرظى.
(٢) في المصدر : ففصقت.
(٣) أى تقبض وتفلص.
(٤) في المصدر : واستغاثته به.
(٥) وأذن في قومه خ ل.