فأتوا العسكر وهم أمثال الخشب النخرة ، وليس من الطير إلا ما معه ثلاثة أحجار في منقاره ويديه (١) يقتل يكل حصاة منها واحدا من القوم ، فلما أتوا على جميعهم انصرف الطير فلم يرقبل ذلك ولا بعده ، فلما هلك القوم بأجمعهم جاء عبدالمطلب إلى البيت فتعلق بأستاره وقال :
يا حابس الفيل ذي المغمس |
|
حبسته كأنه مكوس |
في مجلس (٢) تزهق فيه الانفس
فانصرف وهو يقول في فرار قريش وجزعهم من الحبشة :
طارت قريش إذا رأت خميسا |
|
فظلت فردا لا أرى أنيسا |
ولا أحس منهم حسيسا |
|
إلا أخا لي ماجدا نفيسا |
مسودا في أهله رئيسا. (٣)
بيان : راقه : أعجبه ، قال الفيروزآبادي : المغمس كمعظم ومحدث : موضع بطريق الطائف فيه قبر أبي رغال دليل أبرهة ويرجم ، وقال : المكوس كمعظم حمار. أقول : روي في كتاب العدد مثله إلا أنه زاد فيه : فحين قابل الفيل وجه عبدالمطلب سجد له ، ولم يكن سجد لملكه وأطلق الله لسانه بالعربية فسلم على عبدالمطلب وقال بلسان فصيح : يا نور خير البرية ، ويا صاحب البيت والسقاية ، ويا جد سيد المرسيلن ، السلام على نور الذي في ظهرك ، يا عبدالمطلب معك العز والشرف ، لن تذل ولن تغلب أبدا ، فلما راى الملك ذلك ارتاع له وظنه سحرا ، فقال : ردوا الفيل إلى مكانه ، ثم قال لعبد المطلب : فيم جئت؟ فقد بلغني سخاءك وكرمك وفضلك ، ورأيت من هيبتك وجمالك وجلالك ما يقتضي أن أنظر في حاجتك ، فسل ما شئت. وساق الحديث إلى آخره (٤).
٧١ ـ فس ( ألم تر ) ألم تعلم يا محمد ( كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ) قال :
_________________
(١) في الامالى : ورجليه مكان يديه ، والمجالس خلى عنهما.
(٢) في المصدر : في محبس.
(٣) مجالس المفيد : ١٨٤ ١٨٦. أمالى ابن الشيخ : ٤٩ و ٥٠.
(٤) العدد : مخطلوط.