في حيرة وظلمة ، وأديان مختلفة ، وأمور متشتتة ، وسبل ملتبسة ، ومضت تلك القرون كلها ، فمضى صدر منها على منهاج نبيها ، وبدل آخرها نعمة الله كفرا وطاعته عدوانا.
فعند ذلك استخلص الله عزوجل لنبوته ورسالته من الشجرة المشرفة الطيبة ، والجرثومة المتخيرة (١) التي اصطفاها الله عزوجل في ( سابق )؟ علمه ونافذ قوله ، قبل ابتداء خلقها ، وجعلها منتهى خيرته ، وغاية صفوته ، (٢) ومعدن خاصته محمدا (ص) ، و اختصه بالنبوة ، واصطفاه بالرسالة ، وأظهر بدينه الحق ليفصل بين عباد الله القضاء ، و يعطي في الحق جزيل العطاء ، ويحارب أعداء رب السماء ، وجمع عند ذلك ربنا تبارك و تعالى لمحمد صلىاللهعليهوآله علم الماضين ، وزاده من عنده القرآن الحكيم بلسان عربي مبين ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، فيه خبر الماضين وعلم الباقين. (٣)
بيان : جرثومة الشئ بالضم : أصله.
٥ ـ ك : (٤) علي بن عبدالله الاسواري ، عن مكي بن أحمد قال : سمعت إسحاق بن إبراهيم الطوسي يقول وكان قد أتى عليه سبعة وتسعون سنة على باب يحيى بن منصور قال : رأيت سربايك (٥) ملك الهند في بلد تسمى صوح ، (٦) فسألته (٧) كم أتى عليك
__________________
(١) في المصدر : من الشجرة المشرقة الطيبة ، والجرثومة المثمرة.
(٢) في المصدر : وعلية صفوته ، أي من أشراف القوم وجلتهم ، ومن اهل الرفعة والشرف.
(٣) كمال الدين : ١٣٠ ١٣٢. قلت : سيأتي خبر بحيرا في أحوالات نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وأخبار الملوك بتفاصيلها مذكورة في كتب تواريخ الفرس والعرب ولا يسعنا ذكرها وبيان الخلاف في مدة أعمارهم وملكهم ، وقد أشرنا إلى بعض الخلاف من كتاب اثبات الوصية لان المظنون أن الصدوق والمسعودي أخذا الحديث من مصدر واحد.
(٤) في نسخة ( كا ) وهو وهم. والحديث لم يوجد في كمال الدين المطبوع.
(٥) الصحيح كما في التراجم « سرباتك » ذكره ابن الاثير في اسد الغابة ٢ : ٢٦٦ وابن حجر في لسان الميزان ٣ : ١٠ ، قال ابن الاثير بعد مانقل صدر الحديث إلى قوله : وقبل كتاب النبي ( صلى )؟ الله عليه وآله : أخرجه أبوموسى ، وبحق ماتركه ابن منده وغيره ، فان تركه أولى من اثباته ، ولولا شرطنا أننا لانخل بترجمة ذكروها أو أحدهم لتركنا هذه وأمثالها. وقال ابن حجر بعد نقل صدر الحديث : قال الذهبي : هذا كذب واضح. قلت : والحديث كما ترى غير وارد من طرقنا بل هو من مرويات اهل السنة.
(٦) في اسد الغابة : تسمى قنوج.
(٧) في نسخة : فسألناه.