معي شيئا هو خير مما في سفينتكم ، قالوا : ومامعك؟ قال : جارية لم تروا مثلها قط ، قالوا : فبعناها ، قال : نعم على شرط أن يذهب بعضكم فينظر إليها ثم يجيئني فيشتريها ولا يعلمها ، ويدفع إلي الثمن ولا يعلمها حتى أمضي أنا ، فقالوا : ذلك لك ، فبعثوا من نظر إليها ، فقال : مارأيت مثلها قط ، فاشتروها منه بعشرة آلاف درهم ، ودفعوا إليه الدراهم فمضى بها.
فلما أمعن (١) أتوها فقالوا لها : قومي وادخلي السفينة ، قالت : ولم؟ قالوا : قد اشتريناك من مولاك ، قالت : ماهو بمولاي ، قالوا : لتقومين أو لنحملنك ، فقامت ومضت معهم ، فلما انتهوا إلى الساحل لم يأمن بعضهم بعضا عليها ، فجعلوها في السفينة التي فيها الجوهر والتجارة ، وركبوا هم في السفينة الاخرى ، فدفعوها فبعث الله عزوجل عليهم رياحا فغرقتهم وسفينتهم ونجت السفينة التي كانت فيها حتى انتهت إلى جزيرة من جزائر البحر وربطت السفينة ، ثم دارت في الجزيرة فإذا فيها ماء وشجر فيه ثمر ، فقالت : هذا ماء أشرب منه ، وثمر آكل منه ، أعبدالله في هذا الموضع.
فأوحى الله عزوجل إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل : أن يأتي ذلك الملك فيقول إن في جزيرة من جزائر البحر خلقا من خلقي ، فاخرج أنت ومن في مملكتك حتى تأتوا خلقي هذا فتقروا له بذنوبكم ، ثم تسألوا ذلك الخلق أن يغفر لكم ، فإن غفر لكم غفرت لكم ، فخرج الملك بأهل مملكته إلى تلك الجزيرة فرأوا امرأة ، فتقدم إليها الملك فقال لها : إن قاضي هذا أتاني فخبرني أن امرأة أخيه فجرت فأمرته برجمها ولم يقم عندي البينة ، (٢) فأخاف أن أكون قد تقدمت على ما لا يحل لي فأحب أن تستغفري لي ، فقالت : غفر الله لك ، اجلس.
ثم أتى زوجها ولا يعرفها فقال : إنه كان لي امرأة وكان من فضلها وصلاحها ، وإني خرجت عنها وهي كارهة لذلك ، فاستخلفت أخي عليها ، فلما رجعت سألت عنها فأخبرني أخي أنها فجرت فرجمها ، وأنا أخاف أن أكون قد ضيعتها فاستغفري لي ، فقالت :
__________________
(١) أي ابعد.
(٢) في نسخة : ولم تقم عندي البينة.