ويوحنا الديلمي بزجار (١) وعنده كان ذكر النبي (ص) وذكر أهل بيته وأمته ، وهو الذي بشر أمة عيسى وبني إسرائيل به. (٢)
أقول : وجدت في بعض الكتب أن عيسى عليهالسلام كان مع بعض الحواريين في بعض سياحته ، فمروا على بلد ، فلما قربوا منه وجدوا كنزا على الطريق ، فقال من معه : ائذن لنا يا روح الله أن نقيم ههنا ونحوز هذا الكنز لئلا يضيع ، فقال عليهالسلام لهم : أقيموا ههنا وأنا أدخل البلد ولي فيه كنز أطلبه ، فلما دخل البلد وجال فيه رأى دارا خربة فدخلها فوجد فيها عجوزة ، فقال لها : أنا ضيفك في هذه الليلة ، وهل في هذه الدار أحد غيرك؟ قالت : نعم لي ابن مات أبوه وبقي يتيما في حجري ، وهو يذهب إلى الصحارى ويجمع الشوك ويأتي البلد فيبيعها ويأتيني بثمنها نتعيش به ، فهيأت لعيسى عليهالسلام بيتا ، فلما جاء ولدها قالت له : بعث الله لنا في هذه الليلة ضيفا صالحا ، يسطع من جبينه أنوار الزهد والصلاح ، فاغتنم خدمته وصحبته ، فدخل الابن على عيسى عليهالسلام وخدمه وأكرمه فلما كان في بعض الليل سأل عيسى (ع) الغلام عن حاله ومعيشته وغيرها ، فتفرس (ع) فيه آثار العقل والفطانة والاستعداد للترقي على مدارج الكمال ، لكن وجد فيه أن قلبه مشغول بهم عظيم ، فقال له : ياغلام أرى قلبك مشغولا بهم لا يبرح فأخبرني به لعله يكون عندي دواء دائك ، فلما بالغ عيسى عليهالسلام قال : نعم في قلبي هم وداء لايقدر على دوائه أحد إلا الله تعالى ، فقال : أخبرني به لعل الله يلهمني مايزيله عنك ، فقال الغلام : إني كنت يوما أحمل الشوك إلى البلد فمررت بقصر ابنة الملك فنظرت إلى القصر فوقع نظري عليها فدخل حبها شغاف (٣) قلبي وهو يزداد كل يوم ولا أرى لذلك دواء إلا الموت ، فقال عيسى عليهالسلام : إن كنت تريدها أنا أحتال لك حتى تتزوجها ، فجاء الغلام إلى أمه وأخبرها بقوله ، فقالت أمه : ياولدي إني لا أظن هذا الرجل يعد بشئ
__________________
(١) هكذا في العيون ، وفي التوحيد : بزجان ، وفي الاحتجاج : بزخار ، وكلها غير معروف ، نعم الرجان كشداد : واد بنجد وموضع بفارس يقال فيه أرجان أيضا.
(٢) التوحيد : ٤٣٣ العيون : ٨٩ الاحتجاج : ٢٢٨ ، وتقدم الحديث مفصلا راجع ج ١٠ : ٣٠٣.
(٣) الشغاف : غلاف القلب. حبته. وحبة القلب : مهجته.