عن قتادة ، وقيل : معناه : قبل أن يبلغ طرفك مداه وغايته ويرجع إليك ، قال سعيد بن جبير : قال لسليمان : انظر إلى السماء فما طرف حتى جاء به فوضعه بين يديه ، والمعنى : حتى يرتد إليك طرفك بعد مده إلى السماء ، وقيل : ارتداد الطرف إدامة النظر حتى يرتد طرفه خاسئا ، عن مجاهد ، فعلى هذا معناه أن سليمان عليهالسلام مد بصره إلى أقصاه وهو يديم النظر فقبل أن ينقلب إليه بصره حسيرا يكون قد أتي بالعرش. (١) وقال الكلبي : خر آصف ساجدا ودعا باسم الله الاعظم فغار عرشها تحت الارض حتى نبع عند كرسي سليمان ، وذكر العلماء في ذلك وجوها :
أحدها : أن الملائكة حملته بأمر الله تعالى. والثاني : أن الريح حملته. والثالث : أن الله تعالى خلق فيه حركات متوالية. والرابع : أنه انخرق مكانه حيث هو هناك ، ثم نبع بين يدي سليمان. والخامس : أن الارض طويت له ، وهو المروي عن أبي عبدالله (ع). والسادس : أنه أعدمه الله في موضعه وأعاده في مجلس سليمان ، وهذا لايصح على مذهب أبي هاشم ، ويصح على مذهب أبي علي الجبائي فإنه يجوز فناء بعض الاجسام دون بعض.
وفي الكلام حذف كثير لان التقدير : قال سليمان له : افعل ، فسأل الله تعالى في ذلك فحضر العرش فرآه سليمان مستقرا عنده (٢) أي فلما رأى سليمان العرش محمولا إليه موضوعا بين يديه في مقدار رجع البصر « قال هذا من فضل ربي » أي من نعمته علي و إحسانه لدي لان تيسير ذلك وتسخيره مع صعوبته وتعذره معجزة له ودلالة على علو قدره وجلالته وشرف منزلته عند الله تعالى « ليبلونئ أشكر أم أكفر » أي ليختبرني هل أقوم بشكر هذه النعمة أم أكفر بها « ومن شكر فإنما يشكر لنفسه » لان عائدة شكره ومنفعته ترجعان إليه وتخصانه دون غيره ، وهذا مثل قوله : « إن أحسنتم أحسنتم لانفسكم ».
« ومن كفر فإن ربي غني » يعني غني عن شكر العباد ، غير محتاج إليه ، بل هم
__________________
(١) في نسخة : قد أتاه بالعرش.
(٢) في المصدر : فرآه سليمان مستقرا عنده « فلما رآه مستقرا عنده » أي فلما رأى.