معنى من مذاهبهم الفاسدة ، وقيل : أي لست من مخالطتهم في شئ ، وقيل : لست من قتالهم في شئ فنسختها آية القتال. (١)
وفي قوله تعالى : « فلا يكن في صدرك حرج منه » فيه أقوال : أحدها : أن معنى الحرج : الضيق ، أي لا يضيق صدرك لتشعب الفكر ، خوفا من أن لا تقوم بتبليغ ما انزل إليك حق القيام ، فليس عليك أكثر من الانذار.
وثانيها : أن معنى الحرج الشك ، أي لا يكن في صدرك شك فيما يلزمك من القيام بحقه.
وثالثها : أن معناه : فلا يضيقن صدرك من قومك أن يكذبوك ويجبهوك ( يجهموك خ ل ) بالسوء (٢) فيما انزل إليك ، وقد روي أن الله تعالى لما أنزل القرآن على رسول الله قال : إني أخشى أن يكذبني الناس ويثلغوا رأسي (٣) فيتركوه كالخبزة فأزال الله تعالى الخوف عنه بهذه الآية. (٤)
وفي قوله تعالى : « وإذا فعلوا فاحشة » كني به عن المشركين الذين كانوا يبدون سوآتهم في طوافهم ، فكان يطوف الرجال والنساء عراة يقولون : نطوف كما ولدتنا امهاتنا ، ولا نطوف في الثياب التي قارفنا فيها الذنوب ، وهم الحمس. (٥) قال الفراء كانوا يعملون شيئا من سيور مقطعة يشدونه على حقويهم يسمى حوفا ، وإن عمل من صوف سمي رهطا ، وكان تضع المرأة على قبلها النسعة (٦) فتقول :
____________________
(١) مجمع البيان ٤ : ٣٨٨ ـ ٣٨٩
(٢) جبهه بالسوء : استقبله به.
(٣) ثلغ رأسه : شدخه أى كسره ، قال الجزرى في النهاية : فيه : إذا تثلغوا رأسى كما تثلغ الخبزة ، الثلغ : الشدخ ، وقيل : ضربك الشئ الرطب بالشئ اليابس حتى يتشدخ.
(٤) مجمع البيان ٤ : ٣٩٥.
(٥) الحمس جمع الاحمس ، وهم قريش ومن ولدت قريش وكنانة وجديلة قيس ومن تابعهم في الجاهلية ، فسموا حمسا لانهم تحمسوا في دينهم أى تشددوا ، أو لالتجائهم بالحمساء ، وهى الكعبة.
(٦) السيور جمع السير : قدة من الجلد مستطيلة. الحوف : جلد يشق كهيئة الازار تلبسه الصبيان أو نقبة من ادم تقد سيورا. النسع : سير أو حبل عريض تشد به الرحال ، والقطعة منه : النسعة.