السورة « إن إلى ربك الرجعى » أي إلى الله مرجع كل أحد « أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى » روي أن أبا جهل قال : هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قالوا : نعم ، قال : فبالذي يحلف به لئن رأيته يفعل ذلك لاطأن على رقبته ، فقيل له : ها هو ذلك يصلي ، فانطلق ليطأ على رقبته فما فاجأهم إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقى بيديه ، فقالوا : ما لك يا أبا الحكم؟ قال : إن بيني وبينه خندقا من نار وهولا وأجنحة ، وقال نبي الله : والذي نفسي بيده لو دنا لاختطفته الملائكة عضوا عضوا ، فأنزل الله سبحانه : « أرأيت الذي ينهى « إلى آخر السورة » أرأيت إن كان على الهدى » يعني محمدا صلىاللهعليهوآله « أو أمر بالتقوى « أي بالاخلاص والتوحيد ومخافة الله تعالى ، وههنا حذف تقديره : كيف يكون حال من ينهاه عن الصلاة » أرأيت إن كذب « أي أبوجهل » وتولى عن الايمان. (١)
وقال البيضاوي في قوله تعالى : « لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب » : اليهود والنصارى فإنهم كفروا بالالحاد في صفات الله « والمشركين » وعبدة الاصنام « منفكين » عما كانوا عليه من دينهم ، أو الوعد باتباع الحق إذا جاءهم الرسول « حتى تأتيهم البينة » الرسول ، أو القرآن فإنه مبين للحق « رسول من الله » بدل من « البينة » بنفسه ، أو بتقدير مضاف ، أو مبتدء « يتلو صحفا مطهرة » صفته أو خبره « فيها كتب قيمة » مكتوبات مستقيمة « وما تفرق الذين اوتوا الكتاب » عما كانوا عليه بأن آمن بعضهم ، أو تردد في دينه ، أو عن وعدهم بالاصرار على الكفر « إلا من بعد ما جاءتهم البينة وما امروا » أي في كتبهم بما فيها « إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين » لا يشركون « حنفاء » مائلين عن العقائد الزائغة « ويقيموا الصلوة ويؤتوا الزكوة » ولكنهم حرفوه فعصوا « وذلك دين القيمة » أي دين الملة القيمة. (٢)
أرأيت الذي يكذب بالدين « بالجزاء ، أو الاسلام » فذلك الذي يدع اليتيم يدفعه دفعا عنيفا وهو أبوجهل كان وصيا ليتيم فجاءه عريانا يسأله من مال نفسه فدفعه ،
____________________
(١) مجمع البيان ١٠ : ٥١٥.
(٢) انوار التنزيل ٢ : ٦١٣ و ٦١٤.