وفي قوله : « في عزة » أي استكبار عن الحق « وشقاق » خلاف لله ولرسوله « فنادوا » استغاثة أو توبة واستغفارا « ولات حين مناص » أي ليس الحين حين مناص و ( لا ) هي المشبهة بليس زيدت عليها تاء التأنيث للتأكيد ، وقيل : هي النافية للجنس أي ولا حين مناص لهم ، وقيل : للفعل والنصب بإضماره أي ولا أرى حين مناص. (١)
وقال الطبرسي رحمهالله : قال المفسرون : إن أشراف قريش وهم خمسة و عشرون. منهم : الوليد بن المغيرة وهو أكبرهم وأبوجهل وابي وامية ابنا خلف وعتبة وشيبة ابنا ربيعة والنضر بن الحارث أتوا أبا طالب وقالوا : أنت شيخنا وكبيرنا وقد أتيناك تقضي بيننا وبين ابن أخيك ، فإنه سفه أحلامنا ، وشتم آلهتنا ، فدعا أبوطالب رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال : يابن أخي هؤلاء قومك يسألونك ، فقال : ماذا يسألونني؟ قالوا : دعنا وآلهتنا ندعك وإلهك ، فقال صلىاللهعليهوآله : أتعطونني كلمة واحدة تملكون بها العرب والعجم؟ فقال له أبوجهل : لله أبوك نعطيك ذلك وعشر أمثالها ، فقال : قولوا : لا إله إلا الله ، فقاموا وقالوا : « أجعل الآلهة إلها واحدا » فنزلت هذه الآيات.
وروي أن النبي صلىاللهعليهوآله استعبر (٢) ثم قال : يا عم والله لو وضعت الشمس في يميني والقمر في شمالي ما تركت هذا القول حتى انفذه أو اقتل دونه ، فقال له أبوطالب : امض لامرك فوالله لا أخذلك أبدا. (٣)
وقال البيضاوي : « وانطلق الملا منهم » أي وانطلق أشراف قريش من مجلس أبي طالب بعد ما بكتهم (٤) رسول الله صلىاللهعليهوآله « أن امشوا واصبروا » واثبتوا (٥) « على آلهتكم » على عبادتها « إن هذا لشئ يراد » إن هذا الامر لشئ من ريب الزمان يراد بنا فلا مرد له ، أو إن هذا الرأي الذي يدعيه من التوحيد أو يقصده من الرياسة والترفع على العرب والعجم لشئ يتمنى أو يريده كل أحد ، أو إن دينكم يطلب ليؤخذ منكم
____________________
(١) انوار التنزيل ٢ : ٢٣٧.
(٢) أى جرت عبرته ، والعبرة : الدمعة.
(٣) مجمع البيان ٨ : ٤٦٥.
(٤) أى غلبهم بالحجة.
(٥) في المصدر هكذا : « أن امشوا » قائلين بعضهم لبعض : امشوا « واصبروا
» واثبتوا.