وقال البيضاوي في قوله تعالى : « وأثاروا الارض » : أي قلبوا وجهها لاستنباط المياه واستخراج المعادن وزرع البذور وغيرها. (١)
وفي قوله : « ضرب لكم مثلا » في عبادة الاصنام « من أنفسكم » أى منتزعا من أحواله التي هي أقرب الامور إليكم « هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم » من الاموال وغيرها « فأنتم فيه سواء » فتكونون سواء أنتم وهم فيه شركاء يتصرفون فيه كتصرفكم مع أنه بشر مثلكم وأنها معارة لكم « تخافون » هم إن تستبدوا بتصرف فيه « كخيفتكم أنفسكم » كما تخاف الاحرار بعضهم من بعض « كذلك نفصل الآيات » نبينها « لقوم يعقلون » يستعملون عقولهم في تدبر الامثال « ليكفروا بما آتيناهم » اللام فيه للعاقبة ، وقيل : للامر بمعنى التهديد ، كقوله : « فتمتعوا » غير أنه التفت فيه مبالغة « فسوف تعلمون » عاقبة تمتعكم « أم أنزلنا عليهم سلطانا » أي حجة ، وقيل : ذا سلطان ، أي ملكا معه برهان « فهو يتكلم » تكلم دلالة ، كقوله : « كتابنا ينطق عليكم بالحق » أو نطق « بما كانوا به يشركون » بإشراكهم و صحته ، أو بالامر الذي بسببه يشركون في الوهيته. (٢)
وفي قوله : « فرأوه مصفرا » أي فرأوا الاثر أو الزرع ، فإنه مدلول عليه بما تقدم ، وقيل : السحاب ، لانه إذا كان مصفرا لم يمطر « فإنك لا تسمع الموتى » و الكفار مثلهم لما سدوا عن الحق مشاعرهم « ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين » قيد الحكم به ليكون أشد استحالة ، فإن الاصم المقبل وإن لم يسمع الكلام تفطن منه بواسطة الحركات شيئا « وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم » سماهم عميا لفقدهم المقصود الحقيقي من الابصار ، أو لعمى قلوبهم « ولا يستخفنك » أي ولا يحملنك على الخفة والقلق « الذين لا يوقنون » بتكذيبهم. (٣)
وقال الطبرسي رحمهالله : نزل قوله : « ومن الناس من يشتري لهو الحديث » في النضر بن الحارث ، كان يتجر فيخرج إلى فارس فيشتري أخبار الاعاجم ويحدث بها قريشا ، ويقول لهم : إن محمدا صلىاللهعليهوآله يحدثكم بحديث عاد وثمود ، وأنا احدثكم
____________________
(١) انوار التنزيل ٢ : ٢٤١.
(٢) انوار التنزيل : ٢٤٥ و ٢٤٦.
(٣) انوار التنزيل : ٢٤٩ و ٢٥١.