العالم من فرط غضبه ، أو لو اتبع الله أهواءهم بأن أنزل ما يشتهونه من الشرك و والمعاصي لخرج عن الالوهية ، ولم يقدر أن يمسك السماوات والارض « أم تسألهم خرجا » أجرا على أداء الرسالة « فخراج ربك » رزقه في الدنيا وثوابه في العقبى « خير » لسعته ودوامه « ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر » يعني القحط ، روي أنهم قحطوا حتى أكلوا العلهز ، (١) فجاء أبوسفيان إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : انشدك الله والرحم ، ألست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين؟ قتلت الآباء بالسيف ، والابناء بالجوع ، فنزلت : « ولقد أخذناهم بالعذاب » يعني القتل يوم بدر « ذا عذاب شديد » يعني الجوع ، فإنه أشد من القتل والاسر « إذا هم فيه مبلسون » متحيرون آيسون من كل خير حتى جاءك أعتاهم يستعطفك « قل من بيده ملكوت كل شئ » أي ملكه غاية ما يمكن ، وقيل : خزائنه « وهو يجير » يغيث من يشاء ويحرسه « ولا يجار عليه » ولا يغاث أحد ولا يمنع منه ، وتعديته بعلى لتضمين معنى النصرة « إذا لذهب كل إله بما خلق » أي لو كان معه آلهة كما يقولون لذهب كل إله منهم بما خلقه واستبد به وامتاز ملكه عن ملك الآخرين ، ووقع بينهم التحارب والتغالب ، كما هو حال ملوك الدنيا ، فلم يكن بيده وحده ملكوت كل شئ ، واللازم باطل بالاجماع والاستقراء ، وقيام البرهان على استناد جميع الممكنات إلى واجب. (٢)
وقال الطبرسي رحمهالله في قوله : « ويقولون آمنا بالله » قيل : نزلت الآيات في رجل من المنافقين كان بينه وبين رجل من اليهود حكومة ، فدعاه اليهودي إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ودعاه المنافق إلى كعب بن الاشرف ، وحكى البلخي أنه كانت بين علي عليهالسلام وعثمان منازعة في أرض اشتراها من علي عليهالسلام ، فخرجت فيها أحجار وأراد ردها بالعيب فلم يأخذها ، فقال : بيني وبينك رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال الحكم بن أبي العاص : إن حاكمته إلى ابن عمه حكم له فلا تحاكمه إليه ، فنزلت
____________________
(١) في القاموس : العلهز بالكسر : القراد الضخم. وطعام من الدم والوبر كان يتخذ في المجاعة. والناب المسنة وفيها بقية. ونبات ينبت ببلاد بنى سليم.
(٢) انوار التنزيل ٢ : ٩٨ و ١١١ و ١١٢ و ١٢٢ و ١٢٧ وفيه : إلى واجب واحد.