وفي قوله : « ما نثبت به فؤادك » أي ما نقوي به قلبك ، ونطيب به نفسك ، و نزيدك به ثباتا على ما أنت عليه من الانذار والصبر على أذى قومك. (١)
وفي قوله : « وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون » فيه أقوال : أحدها : أنهم مشركو قريش كانو يقرون بالله خالقا ومحييا ومميتا ، ويعبدون الاصنام و يدعونها آلهة ، عن ابن عباس والجبائي.
وثانيها : أنها نزلت في مشركي العرب إذا سئلوا : من خلق السماوات والارض وينزل القطر؟ قالوا : الله ، ثم هم يشركون وكانوا يقولون في تلبيتهم : لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك ، عن الضحاك.
وثالثها : أنهم أهل الكتاب آمنوا بالله واليوم الآخر والتوراة والانجيل ، ثم أشركوا بإنكار القرآن ونبوة نبينا صلىاللهعليهوآله ، عن الحسن ، وهذا القول مع ما تقدمه رواه دارم بن قبيصة ، عن علي بن موسى الرضا ، عن جده (٢) أبي عبدالله عليهمالسلام.
ورابعها : أنهم المنافقون يظهرون الايمان ويشركون في السر ، عن البلخي. وخامسها : أنهم : المشبهة آمنوا في الجملة وأشركوا في التفصيل ، وروي ذلك عن ابن عباس. وسادسها أن المراد بالاشراك شرك الطاعة لا شرك العبادة ، أطاعوا الشيطان في المعاصي التي يرتكبونها مما أوجب الله عليها النار ، فأشركوا بالله في طاعته ولم يشركوا بالله في عبادته (٣) عن أبي جعفر عليهالسلام.
وروي عن أبي عبدالله عليهالسلام أنه قال : قول الرجل : لولا فلان لهلكت ولولا فلان لضاع عيالي جعل لله شريكا في ملكه يرزقه ويدفع عنه ، فقيل له : لو قال : لولا أن من الله علي بفلان لهلكت ، قال : لا بأس بهذا. وفي رواية زرارة ومحمد بن المسلم وحمران عنهما عليهماالسلام : إنه شرك النعم. وروى محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال : إنه شرك لا يبلغ به الكفر.
« أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله » أي عقوبة تغشاهم وتحيط بهم. (٤)
____________________
(١) مجمع البيان ٥ : ٢٠٤.
(٢) في التفسير المطبوع : عن أبيه ، عن جده.
(٣) في التفير المطبوع : ولم يشركوا بالله شرك عبادة فيعبدون معه غيره.
(٤) مجمع البيان ٥ : ٢٦٧ ـ ٢٦٨. وفيه أى أفأمن هؤلاء الكافرون أن يأتيهم عذاب من الله سبحانه يعمهم ويحيط بهم؟.