صدورهم » قيل : نزلت في الاخنس بن شريق وكان حلو الكلام يلقى رسول الله صلى الله عليه وآله بما يحب وينطوي بقلبه على ما يكره ، عن ابن عباس ، وروى العياشي بإسناده عن أبي جعفر عليهالسلام قال : أخبرني جابر بن عبدالله أن المشركين إذا مروا برسول الله صلىاللهعليهوآله طأطأ أحدهم رأسه وظهره هكذا ـ وغطى رأسه بثوبه ـ حتى لا يراه رسول الله فأنزل الله تعالى هذه الآية. «ألا إنهم » يعني الكفار والمنافقين « يثنون صدورهم » أي يطوونها على ما هم عليه من الكفر ، عن الحسن ، وقيل : معناه : يخفون صدورهم (١) لكيلا يسمعوا كتاب الله وذكره ، وقيل : يثنونها على عداوة النبي صلىاللهعليهوآله ، وقيل : إنهم كانوا إذا قعدوا مجلسا على معاداة النبي صلىاللهعليهوآله والسعي في أمره بالفساد انضم بعضهم إلى بعض وثنى بعضهم صدره إلى صدر بعض يتناجون « ليستخفوا منه » أي ليخفوا ذلك من الله تعالى على القول الاخير ، وعلى الاقوال الاخر : ليستروا ذلك عن النبي صلىاللهعليهوآله « ألا حين يستغشون ثيابهم » أي يتغطون بثيابهم ثم يتفاوضون فيما كانوا يدبرونه على النبي صلى الله عليه وآله وعلى المؤمنين ويكتمونه ، وقيل : كنى باستغشاء ثيابهم عن الليل لانهم يتغطون بظلمته.(٢)
وفي قوله : « إلى امة معدودة » أي إلى أجل مسمى ووقت معلوم ، عن ابن عباس ومجاهد ، وقيل : أى إلى جماعة يتعاقبون فيصرون على الكفر ولا يكون فيهم من يؤمن كما فعلنا بقوم نوح ، وقيل : إن الامة المعدودة هم أصحاب المهدي عجل الله فرجه في آخر الزمان ، ثلاث مائة وبضعة عشر رجلا كعدة أهل بدر يجتمعون في ساعة واحدة كما يجتمع قزع الخريف ، (٣) وهو المروي عن أبي جعفر و أبي عبدالله عليهماالسلام. (٤)
وفي قوله : « فلعلك تارك » روي عن ابن عباس أن رؤساء مكة من قريش أتوا رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالوا : يا محمد إن كنت رسولا فحول لنا جبال المكة ذهبا ، أو ائتنا بملائكة يشهدون لك بالنبوة ، فأنزل الله تعالى : « فلعلك تارك » الآية ، وروى العياشي
____________________
(١) في التفسير المطبوع : يحنون صدورهم.
(٢) مجمع البيان ٥ : ١٤٣.
(٣) في النهاية : قزعة : قطعة من الغيم وجمعها : قزع ، ومنه حديث على عليهالسلام : فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف. أى قطع السحاب المتفرق ، وإنما خص الخريف لانه اول الشتاء والسحاب يكون فيه متفرقا غير متراكم ولا مطبق ، ثم يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك.
(٤) مجمع البيان ٥ : ١٤٤.