ما هو الضدّ؟
عرفنا أنّ الأمر بشيء مقيّد عقلا بعدم الاشتغال بضدّه الذي لا يقلّ عنه أهمّيّة ، وانتهينا من ذلك إلى أنّ وقوع التضادّ بين واجبين بسبب عجز المكلّف عن الجمع بينهما لا يؤدّي إلى التعارض بين دليليهما.
والآن نتساءل : ما ذا نريد بهذا التضادّ؟
والجواب : أنّنا نريد بذلك حالات عدم إمكان الاجتماع الناشئة من ضيق قدرة المكلّف ، ولكن لا ينطبق هذا على كلّ ضدّ.
تعريف الضدّ : ذكرنا سابقا أنّ كلّ تكليف مقيّد عقلا بالقدرة التكوينيّة بالمعنى الأعمّ ، والتي معناها كما تقدّم ألاّ يكون المكلّف مشتغلا بامتثال تكليف لا يقلّ أهمّيّة عن التكليف الآخر.
ففي كلّ حالة يكون هناك واجبان متضادّان من جهة عجز المكلّف عن الجمع بينهما ، فهذا التضادّ لا يؤدّي إلى دخول المورد في باب التعارض ، بل يقع التزاحم بينهما ، وهو يختلف عن باب التعارض من حيث القواعد والقوانين.
وأمّا الضدّ الذي أخذ عدم الاشتغال به قيدا في التكليف ، فما ذا يراد به؟
والجواب عن ذلك يظهر ضمن الأمرين التاليين ، فإنّ الضدّ لا ينطبق على أي ضدّ ، بل لا بدّ من أن يكون فيه ـ بالإضافة إلى الممانعة والمضادّة بينه وبين الواجب الآخر المضادّ له ، بحيث لا يمكن اجتماعهما معا من جهة عجز المكلّف عن الجمع بينهما ـ بعض الخصوصيّات ، وهي :
فهو أوّلا : لا ينطبق على الضدّ العامّ أي النقيض ؛ وذلك لأنّ الأمر بأحد النقيضين يستحيل أن يكون مقيّدا بعدم الاشتغال بنقيضه ؛ لأنّ فرض عدم الاشتغال بالنقيض يساوق ثبوت نقيضه ، ويكون الأمر به حينئذ تحصيلا للحاصل وهو محال.