شرطيّة القدرة بالمعنى الأعمّ
تقدّم أنّ العقل يحكم بتقيّد التكليف واشتراطه بالقدرة على متعلّقه ؛ لاستحالة التحريك المولوي نحو غير المقدور ، ولكن هل يكفي هذا المقدار من التقييد أو لا بدّ من تعميقه؟
ومن أجل الجواب على هذا السؤال نلاحظ أنّ المكلّف إذا كان قادرا على الصلاة تكوينا ، ولكنّه مأمور فعلا بإنقاذ غريق تفوت بإنقاذه الصلاة ؛ للتضادّ بين عمليتي الإنقاذ والصلاة وعدم قدرة المكلّف على الجمع بينهما ، فهل يمكن أن يؤمر هذا المكلّف بالصلاة والحالة هذه فيجتمع عليه تكليفان بكلا الفعلين؟
مقدّمة البحث : ذكرنا في بحث اشتراط القدرة في التكليف أنّ العقل يحكم بكون القدرة شرطا في التكليف المجعول ، بحيث لا يمكن تكليف العاجز عن الإتيان بالفعل المأمور به ؛ لأنّ المراد من التكليف هو البعث والتحريك ، ومع فرض العجز لا تحرّك ولا انبعاث ، فينتفي موضوعه ويصبح التكليف فارغا عن المضمون والمعنى.
وهذا المقدار تقدّم بيانه والثمرة منه ، ولكن البحث هنا في أنّه هل يكفي هذا المقدار من التقييد بالقدرة أو أنّ هناك شيئا آخر أعمق؟
ومن أجل الإجابة عن هذا السؤال نلاحظ بالوجدان أنّ المكلّف المأمور بالصلاة ، كما لا يصحّ تكليفه بالصلاة فيما إذا كان عاجزا تكوينا عنها ، كذلك لا يصحّ تكليفه بها فيما إذا كان مأمورا بنفس الوقت بواجب آخر ، بحيث لا يتمكّن من الجمع بين الواجبين ؛ لأنّ فعل أحدهما وامتثاله يفوّت الآخر ، فإذا فرض أنّ المكلّف مأمور فعلا بإنقاذ الغريق فهل يمكن أن يكون مأمورا في نفس الوقت بالصلاة أم لا؟
وهذا هو البحث المسمّى بإمكان الأمر بالضدّين بنحو الترتّب أو استحالته.
وأمّا الجواب فهو :